للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على رَاحِلَة لَهُ، وَمَعَهُ غلْمَان لَهُ وزوامل. فَقَالَ لَهُ عُثْمَان: سر يَا أَبَا عبد الله، فَقَالَ: سيكفيني القضم من خضمكم، والعنق من نصكم. قَالَ يَوْم الشورى لما تكلم عبد الرَّحْمَن بن عَوْف، وَأخرج نَفسه من الشورى ليقلد من يرضاه: " أما بعد، فَإِن دَاعِي الله لَا يجهل عِنْد تفاقم الْأَهْوَاء وليّ الْأَعْنَاق، وَلنْ يقصر عَمَّا قلت إِلَّا غويّ، وَلنْ يتْرك مَا قلت إِلَّا شقيّ، لَوْلَا حُدُود الله فرضت، وفرائض لَهُ حدت، تراح على أَهلهَا، وتحيا لَا تَمُوت، لَكَانَ الْفِرَار من الْولَايَة عصمَة، وَلَكِن لله علينا إِجَابَة الدعْوَة، وَإِظْهَار السّنة لِئَلَّا نموت ميتَة عمية، وَلَا نعمى عمى جَاهِلِيَّة، وَالْأَمر لَك يَا ابْن عَوْف. ذكر أَن أول من سل سَيْفا الزبير، سمع أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قتل، فَخرج بِيَدِهِ السَّيْف، فَتَلقاهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كفة كفة، فَدَعَا لَهُ بِخَير. أرسل عليّ عَلَيْهِ السَّلَام عبد الله بن عَبَّاس، فَقَالَ: إيت الزبير وَلَا تأت طَلْحَة، فَإِن الزبير أَلين؛ وَإنَّك تَجِد طَلْحَة كالثور عاقصاً قرنه. يركب الصعوبة وَيَقُول: هِيَ أسهل. فأقره السَّلَام، وَقل لَهُ: يَقُول لَك ابْن خَالك: عَرفتنِي بالحجاز، وأنكرتني بالعراق، فَمَا عدا مَا بدا؟ . قَالَ: فَأَتَيْته فَقَالَ: مرْحَبًا بِابْن لبَابَة. أزائراً جِئْت أم سفيراً؟ قلت: كل ذَلِك. وابلغته الرسَالَة فَقَالَ: ابلغه السَّلَام وَقل لَهُ: بَيْننَا وَبَيْنك عهد خَليفَة وَدم خَليفَة، واجتماع ثَلَاثَة وانفراد وَاحِد، وَأم مبرورة ومشاورة الْعَشِيرَة، وَنشر الْمَصَاحِف فنحل مَا أحلّت، ونحرم مَا حرمت. فَلَمَّا كَانَ الْغَد حرش بَين النَّاس غوغاؤهم، فَقَالَ الزبير: مَا كنت أرى أَن مَا جِئْنَا فِيهِ يكون فِيهِ قتال.

عبد الرَّحْمَن بن عَوْف

قَالَ عبد الرَّحْمَن يَوْم الشورى: يَا هَؤُلَاءِ، إِن عِنْدِي رَأيا، وَإِن لكم نظرا، إِن حابياً خير من زاهق، وَإِن جرعة شروب أَنْفَع من عذب موب. إِن الْحِيلَة بالْمَنْطق أبلغ من السُّيُوب فِي الْكَلم. فَلَا تطيعوا الْأَعْدَاء وَإِن قربوا، وَلَا تفلوا المدى بالاختلاف بَيْنكُم، وَلَا تغمدوا السيوف عَن أعدائكم فتوتروا ثأركم،

<<  <  ج: ص:  >  >>