للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب الثَّامِن: من نَوَادِر المتنبئين

ادّعى رجل فِي زمن الْمهْدي النُّبُوَّة، فَأدْخل إِلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ الْمهْدي: أَنْت نَبِي؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَإلَى من بعثت؟ قَالَ: وتركتموني أذهب إِلَى من بعثت؟ بعثت بِالْغَدَاةِ وحبستموني بالْعَشي، فَضَحِك الْمهْدي حَتَّى فحص بِرجلِهِ، وَأمر لَهُ بجائزة وخلى سَبيله. وتنبأ آخر وَادّعى أَنه مُوسَى بن عمرَان، فَأحْضرهُ وَقَالَ لَهُ: من أَنْت؟ قَالَ: أَنا كليم الله مُوسَى. قَالَ: وَهَذِه عصاك الَّتِي صَارَت ثعباناً؟ قَالَ: نعم. قَالَ: فَأَلْقِهَا من يدك ومرها أَن تصير ثعباناً. قَالَ: قل أَنْت " أَنا ربكُم الْأَعْلَى ": كَمَا قَالَ فِرْعَوْن، حَتَّى أصيرها ثعباناً كَمَا فعل مُوسَى. فَضَحِك مِنْهُ واستظرفه. وأحضرت الْمَائِدَة فَقيل لَهُ: هَل أكلت شَيْئا؟ فَقَالَ: مَا أحسن الْعقل! لَو كَانَ لي مَا آكله، أَي شَيْء كنت أعمل عنْدكُمْ؟ فأعجب بِهِ الْخَلِيفَة وَأحسن إِلَيْهِ. وتنبأت امْرَأَة أَيَّام الْمَأْمُون؛ فأوصلت إِلَيْهِ. فَقَالَ لَهَا: من أَنْت؟ قَالَت: أَنا فَاطِمَة النبية. فَقَالَ الْمَأْمُون: أتؤمنين بِمَا قَالَ مُحَمَّد رَسُول الله؟ قَالَت: هُوَ نَبِي حَقًا، وَقَوله حق مَقْبُول. قَالَ: فَإِن مُحَمَّدًا عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: لَا نَبِي بعدِي. قَالَت: صدق صلوَات الله عَلَيْهِ؛ فَهَل قَالَ: لَا نبية بعدِي؟ فَقَالَ الْمَأْمُون لمن حضر: أما أَنا فقد انْقَطَعت، فَمن كَانَت عِنْده حجَّته فليأت بهَا، وَضحك حَتَّى غطى وَجهه.

<<  <  ج: ص:  >  >>