للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْهَادِي

اعتلت أمه الخيزران، فَأَرَادَ الرّكُوب إِلَيْهَا، فَقَالَ عمر بن بزيع أَلا أدلك على مَا هُوَ انفع من عيادتها، وأجلب لعافيتها؟ قَالَ: بلَى. قَالَ: تجْلِس للمظالم، فقد احْتَاجَ النَّاس إِلَى ذَلِك، فَرجع وَجلسَ وَوجه إِلَيْهَا: إِنِّي أردتك الْيَوْم، فَعرض من حق الله مَا هُوَ أوجب، فملت إِلَيْهِ، وَأَنا أجيئك فِي غدٍ إِن شَاءَ الله. قَالَ سعيد بن سلم الْبَاهِلِيّ صلى بِنَا الْهَادِي صَلَاة الْغَدَاة فَقَرَأَ: " عَم يتساءلون " فَلَمَّا بلغ قَوْله تَعَالَى: " ألم نجْعَل الأَرْض مهاداً " أرتج عَلَيْهِ، فرددها وَلم يَجْسُر أحدٌ أَن يفتح عَلَيْهِ لهيبته، وَكَانَ أهيب النَّاس، فَعلم ذَلِك فَقَرَأَ: " أَلَيْسَ مِنْكُم رجل رشيد " ففتحنا عَلَيْهِ، وَكُنَّا نعد من محاسنه. وعزى إِبْرَاهِيم بن سلم عَن ابْن لَهُ، وَقد اشْتَدَّ جزعه عَلَيْهِ، فَقَالَ: سرك وَهُوَ بلية وفتنة، ويحزنك وَهُوَ ثَوَاب وَرَحْمَة. وَقَالَ لأمه الخيزران حِين ولي الْخلَافَة: إِن الْأَمر وَالنَّهْي لَا يبلغهُ قدر النِّسَاء، فَلَا تخرجن من خفر الْكِفَايَة إِلَى بذلة التَّدْبِير، اختمري بخمرتك، وَعَلَيْك بسبحتك وَلَا علمتك تعديت ذَلِك إِلَى تَكْلِيف يَضرك، وتعنيف يلزمك، وَلَك بعد هَذَا عَليّ الطَّاعَة الَّتِي أوجبهَا الله لَك فِي غير كفر وَلَا مأثم وَلَا عَار. وأنفذ إِلَيْهَا يَوْمًا أرزاً مسموماً، وَقَالَ: استطبت هَذَا، فأنفذته إِلَيْك، فاسترابت بِهِ وَلم تَأْكُله، وَدخل بعقب ذَلِك إِلَيْهَا، فَقَالَ لَهَا: هَل أكلت الْأرز؟ فَقَالَت: نعم. فَقَالَ: لَو أَكلته لَكَانَ الْأَمر بِخِلَاف هَذَا. مَتى أَفْلح خَليفَة لَهُ أم؟ . وشهدوا عِنْده على رجل بِأَنَّهُ شتم قُريْشًا، وتعدى إِلَى ذكر رَسُول الله - صلى الله عَلَيْهِ وَسلم -، فَجَلَسَ مَجْلِسا أحضر فِيهِ فُقَهَاء أهل زَمَانه، وأحضر الرجل الشُّهُود وشهدوا،

<<  <  ج: ص:  >  >>