للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نشرت عَنْك بنشرة نشار، عَن رَأسك ذِي الْأَشْعَار، وَعَن عَيْنَيْك ذواتي الأشفار، وَعَن فِيك ذِي المحار، وظهرك ذِي الفقار، وبطنك ذِي الْأَسْرَار، وفرجك ذِي الأستار، ويديك ذواتي الْأَظْفَار، ورجليك ذواتي الْآثَار، وذيلك ذِي الْغُبَار، وعنك فضلا وَذَا إِزَار، وَعَن بَيْتك فرجا وَذَا أَسْتَار. رششت بِمَاء بَارِد نَارا، وعينين أشفاراً، وَكَانَ الله لَك جاراً.

مُعَاوِيَة وَسَوْدَة بنت عمَارَة

وفدت سَوْدَة بنت عمَارَة الهمدانية على مُعَاوِيَة فَقَالَ لَهَا: مَا حَاجَتك؟ قَالَت: إِنَّك أَصبَحت للنَّاس سيداً، ولأمرهم مُتَقَلِّدًا، وَالله مسائلك عَن أمرنَا، وَمَا افْترض عَلَيْك من حَقنا، وَلَا يزَال يقدم علينا من ينوء بعزك، ويبطش بسلطانك، فيحصدنا حصد السنبل، ويدوسنا دوس الْبَقر، ويسومنا الخسيسة، ويسألنا الجليلة. هَذَا بسر بن أَرْطَاة قدم علينا من قبلك، فَقتل رجالي، وَأخذ مَالِي، يَقُول لي: قوهي بِمَا أستعصم الله مِنْهُ، وَأَلْجَأَ إِلَيْهِ فِيهِ، وَلَوْلَا الطَّاعَة لَكَانَ فِينَا عزة ومنعة؛ فإمَّا عزلته عَنَّا فشكرناك، وَإِمَّا لَا فعرفناك. قَالَ مُعَاوِيَة: أتهددينني بقومك؟ لقد هَمَمْت أَن أحملك على قتب أَشْرَس، فأردك إِلَيْهِ، ينفذ فِيك حكمه. فأطرقت تبْكي ثمَّ أنشأت تَقول: صلى الْإِلَه على جسم تضمنه ... قبر فَأصْبح فِيهِ الْعدْل مَدْفُونا قد حَالف الْحق لَا يَبْغِي بِهِ بَدَلا ... فَصَارَ بِالْحَقِّ وَالْإِيمَان مَقْرُونا قَالَ لَهَا: وَمن ذَاك؟ قَالَت: عَليّ بن أبي طَالب عَلَيْهِ السَّلَام. قَالَ: وَمَا صنع بك حَتَّى صَار عنْدك كَذَا؟ قَالَت: قدمت عَلَيْهِ فِي متصدق قدم علينا قبله، وَالله مَا كَانَ بيني وَبَينه إِلَّا مَا بَين ٣٧٤ الغث والسمين، فَأتيت عليا عَلَيْهِ السَّلَام لأشكو إِلَيْهِ مَا صنع، فَوَجَدته قَائِما يُصَلِّي. فَلَمَّا نظر إِلَيّ انْفَتَلَ من صلَاته ثمَّ قَالَ لي برأفة وَتعطف: أَلَك حَاجَة؟ فَأَخْبَرته الْخَبَر. فَبكى ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّك أَنْت الشَّاهِد عَليّ وَعَلَيْهِم، إِنِّي لم آمُرهُم بظُلْم خلقك، وَلَا بترك حَقك. ثمَّ أخرج من جيبه قِطْعَة جلد كَهَيئَةِ طرف الجراب، فَكتب فِيهَا:

<<  <  ج: ص:  >  >>