للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تزر بِهِ صَلْعَةٌ، وسيما قسيما فِي عَيْنَيْهِ دعجٌ، وَفِي أَشْفَاره وَطف وَفِي صَوته صَحِلَ، وَفِي عُنُقه سَطَعَ وَفِي لحيته كَثَافَة، أحور أكحل، أَزجّ أقرن، إِن صمت فَعَلَيهِ الْوَقار، وَأَن تكلم سما وعلاه الْبَهَاء، أجمل النَّاس وَأَبْهَاهُ من بعيد، وأحلاه وَأحسنه من قريب، حُلْو الْمنطق، فصل لَا نزر وَلَا هذر، كَأَن مَنْطِقه خَرَزَات نظم تتحدرن: ربعَة لَا تشنؤه من طول، وَلَا تَقْتَحِمُهُ الْعين من قصر، غُصْن بَين غُصْنَيْنِ، فَهُوَ أَنْضَرُ الثَّلَاثَة منْظرًا وَأَحْسَنهمْ قدرا لَهُ، رُفَقَاء يحفونَ بِهِ، إِن قَالَ أَنْصتُوا لقَوْله، وَإِن أَمر تبَادرُوا إِلَى أمره، مَحْفُودٌ محشود لَا عَابس وَلَا مُفند. صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ أَبُو معبد: هُوَ وَالله صَاحب قُرَيْش الَّذِي ذكر لنا من أمره بِمَكَّة مَا ذكر. وَلَو كنت وافقته لالتمست صحبته، وَلَأَفْعَلَن إِن وجدت إِلَى ذَلِك سَبِيلا.

وَصِيَّة أُخْرَى لأعرابية

قَالَ أبان بن تغلب: سَمِعت امْرَأَة توصي ابْنا لَهَا وَأَرَادَ سفرا فَقَالَت: أَي بني، أوصيك بتقوى الله، فَإِن قَلِيله أجدى عَلَيْك من كثير عقلك، وَإِيَّاك والنمائم. فَإِنَّهَا تورث الضغائن، وتفرق بَين المحبين؛ وَمثل لنَفسك مِثَال مَا تستحسن لغيرك ثمَّ اتَّخذهُ إِمَامًا، وَمَا تستقبح من غَيْرك فاجتنبه، وَإِيَّاك والتعرض للعيوب فَتَصِير نَفسك غَرضا، وخليق أَلا يلبث الْغَرَض على كَثْرَة السِّهَام، وَإِيَّاك وَالْبخل بِمَالك، والجود بِدينِك. فَقَالَت أعرابية مَعهَا: أَسأَلك إِلَّا زِدْته يَا فُلَانَة فِي وصيتك قَالَت: أَي وَالله؛ والغدر أقبح مَا يُعَامل بِهِ الإخوان، وَكفى بِالْوَفَاءِ جَامعا لما تشَتت من الإخاء وَمن جمع الْعلم والسخاء فقد استجاد الْحلَّة، والفجور أقبح خلة وَأبقى عاراً.

وصف امْرَأَة عُرْوَة لَهُ

قَامَت امْرَأَة عُرْوَة بن الْورْد الْعَبْسِي بعد أَن طَلقهَا فِي النادي فَقَالَت: أما إِنَّك

<<  <  ج: ص:  >  >>