للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَخرج من عِنْده، فَمر بِرَجُل من نَصَارَى الْعَرَب من غَسَّان فَعرفهُ فَقَالَ: يَا عَمْرو، إِنَّك قد أَحْسَنت الدُّخُول فَأحْسن الْخُرُوج. فَرجع فَقَالَ لَهُ الْملك: مَا ردك؟ قَالَ: نظرت فِيمَا أَعْطَيْتنِي فَلم أَجِدهُ يسع بني عمي، فَأَرَدْت أَن أجيئك بِعشْرَة مِنْهُم تعطيهم هَذِه الْعَطِيَّة، وتكسوهم هَذِه الْكسْوَة، فَيكون مَعْرُوفك عِنْد عشرَة خيرا من أَن يكون عِنْد وَاحِد. قَالَ: صدقت. فاعجل بهم. وَبعث إِلَى البواب أَن خل سَبيله، فَخرج عَمْرو وَهُوَ يلْتَفت حَتَّى إِذا أَمن قَالَ: لَا أَعُود لمثلهَا أبدا. فَمَا فَارقهَا عَمْرو حَتَّى صَالحه، فَلَمَّا أُتِي بالعلج قَالَ: أَنْت هُوَ؟ قَالَ عَمْرو: نعم على مَا كَانَ من غدرك.

أَيمن بن خريم وَمُعَاوِيَة

كَانَت لأيمن بن خُزَيْمٌ الْأَسدي منزلَة عِنْد مُعَاوِيَة، وَكَانَ مُعَاوِيَة قد ضعف عَن النِّسَاء، فَكَانَ يكره أَن يذكر عِنْده رجل يُوصف بِالْجِمَاعِ فَجَلَسَ ذَات يَوْم وفاختة قريبَة مِنْهُ حَيْثُ تسمع الْكَلَام فَقَالَ: يَا أَيمن؛ مَا بَقِي من طَعَامك وشرابك وجماعك وقوتك؟ فَقَالَ: أَنا وَالله يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ آكل الْجَفْنَة الْكَثِيرَة الدَّرْمَك وَالْقدر، وأشرب الرفد الْعَظِيم وَلَا أنقع بالغمر، وأركض بِالْمهْرِ الأرن مَا أحضر، وأجامع من أول اللَّيْل إِلَى السحر. قَالَ: فغم ذَلِك مُعَاوِيَة، وَكَلَامه هَذَا بأذني فَاخِتَة، فجفاه مُعَاوِيَة. فَشَكا أَيمن ذَلِك إِلَى امْرَأَته فَقَالَت: أذنبت ذَنبا. فوَاللَّه مَا مُعَاوِيَة بعابث وَلَا متجن قَالَ: لَا وَالله إِلَّا كَذَا وَكَذَا. قَالَت: هَذَا وَالله الَّذِي أغضبهُ عَلَيْك قَالَ: فأصلحي مَا أفسدت. قَالَت: كفيتك. فَأَتَت مُعَاوِيَة فَوَجَدته جَالِسا للنَّاس، فَدخلت على فَاخِتَة فَقَالَت: مَالك؟ قَالَت: جِئْت أستعدي على أَيمن. قَالَت: وَمَاله؟ قَالَت: مَا أَدْرِي أرجل هُوَ أم امْرَأَة. وَمَا كشف لي ثوبا مُنْذُ تزَوجنِي. قَالَت: فَأَيْنَ قَوْله لأمير الْمُؤمنِينَ؟ وحكت لَهَا مَا قَالَ. فَقَالَت: ذَاك وَالله الْبَاطِل.

<<  <  ج: ص:  >  >>