للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تبقى بعد وَلها، فَقَالَت للَّذي صَارَت إِلَيْهِ: إِن علمتك شَيْئا تتخذه فَلَا يحيك فِيك السِّلَاح، تخلى سبيلي؟ قَالَ: نعم. فَأخذت أَشْيَاء سترتها عَنهُ فطلت بهَا رقبَتهَا وَقَالَت: دُونك أضْرب وَشد، فَإِن السَّيْف لَا يعْمل ٣٩٥ فِي فَضرب رقبَتهَا فحز رَأسهَا فَعلم أَنَّهَا خدعته. لما بلغ يزِيد ومروان ابْنا عبد الْملك لعاتكة بنت زيد ين مُعَاوِيَة قَالَ لَهَا عبد الْملك: قد صَار ابناك رجلَيْنِ، فَلَو جعلت لَهما من مَالك مَا يكون لَهما بِهِ فَضِيلَة على أخوتهما. قَالَت: اجْمَعْ لي أهل معدلة من موَالِي ومواليك فَجَمعهُمْ وَبعث مَعَهم روح بن زنباع الجذامي - وَكَانَ يدْخل على نِسَائِهِم - فَدخل كهولتهم وجلتهم وَقَالَ لَهُ: أخْبرهَا برضائي عَنْهَا، وَحسن لَهَا مَا صنعت. فَلَمَّا دخلُوا عَلَيْهَا أَخذ روح فِي ذَلِك فَقَالَت: يَا روح، أَترَانِي أخْشَى على ابْني عيلة وهما ابْنا أَمِير الْمُؤمنِينَ، أشهدكم أَنِّي قد تَصَدَّقت بِمَالي وضياعي على فُقَرَاء آل أبي سُفْيَان. فَقَامَ روح وَمن مَعَه. فَلَمَّا نظر إِلَيْهِ عبد الْملك مُقبلا قَالَ: أشهد بِاللَّه لقد أَقبلت بِغَيْر الْوَجْه الَّذِي أَدْبَرت بِهِ. قَالَ: أجل. تركت مُعَاوِيَة فِي الإيوان آنِفا. وَخَبره بِمَا كَانَ. فَغَضب فَقَالَ: مَه يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، هَذَا الْعقل مِنْهَا فِي ابنيك خير لَهما مِمَّا أردْت. قَالَ الْمَدَائِنِي: أَتَى عَلَيْهِ السَّلَام بِرَجُل ذِي مُرُوءَة قد وَجب عَلَيْهِ حد. فَقَالَ لخصمائه: ألكم شُهُود؟ قَالُوا: نعم. قَالَ: فأتوني بهم إِذا أمسيتم وَلَا تَأْتُونِي بهم إِلَّا معتمين. فَلَمَّا أَمْسوا اجْتَمعُوا فَأتوهُ، فَقَالَ لَهُم عَليّ عَلَيْهِ السَّلَام: نشدت الله رجلا لله عِنْده مثل هَذَا الْحَد إِلَّا انْصَرف قَالَ: فَمَا بقى أحد فدرأ الْحَد.

الْحجَّاج وَعمارَة بن تَمِيم اللَّخْمِيّ

قَالَ الْمَدَائِنِي: كَانَ الْحجَّاج حسوداً لَا ينشىء صَنِيعَة إِلَّا أفسدها فَلَمَّا وَجه عمَارَة بن تَمِيم اللَّخْمِيّ إِلَى ابْن الْأَشْعَث وَعَاد بِالْفَتْح حسده، فَعرف ذَلِك عمَارَة، وَكره منافرته، وَكَانَ عَاقِلا رَفِيقًا فظل يَقُول: أصلح الله الْأَمِير أَنْت أشرف الْعَرَب، من شرفته شرف، وَمن صغرته صغر، وَمَا ابْن الْأَشْعَث وخلعه حَتَّى استوفد عبد الْملك الْحجَّاج وَسَار عمَارَة مَعَه يلاطفه وَلَا يكاشفه، وَقدمُوا على عبد الْملك، وَقَامَت الخطباء بَين يَدَيْهِ فِي أَمر الْفَتْح، فَقَامَ عمَارَة فَقَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ؛ سل

<<  <  ج: ص:  >  >>