للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب السَّابِع فِي سياسة السُّلْطَان وأدب الرّعية

قَالَ بعض الْحُكَمَاء: إِن قُلُوب الرّعية خَزَائِن واليها فَمَا أودعهُ وجده فِيهَا. قَالُوا: صنفان متباينان إِن صلح أَحدهمَا صلح الآخر: السُّلْطَان والرعية. قَالَ بعض الْحُكَمَاء: إِذا صَحِبت السُّلْطَان فلتكن مداراتك لَهُ مداراة الْمَرْأَة القبيحة لزَوجهَا؛ فَإِنَّهَا لَا تدع التصنع لَهُ فِي كل حَال. قَالَ الْأَعْمَش: إِذا رَأَيْت الْعَالم يَأْتِي بَاب السُّلْطَان فَاعْلَم أَنه لص. ٤٣٥ قَالَ بعض الْحُكَمَاء: ليغلق السُّلْطَان بَاب الْأنس بَينه وَبَين كفاته الَّذين تنفذ أُمُورهم فِي ملكه؛ فَإِن مؤانسته إيَّاهُم تبْعَث عَلَيْهِ بهم الجرأة وعَلى الرّعية الغشم. قَالُوا: صنفان لَو صلحا صلح جَمِيع النَّاس الْفُقَهَاء والأمراء. قيل: من دَاخل السُّلْطَان يحْتَاج أَن يدْخل أعمى وَيخرج أخرس. قيل للعتابي: لم لَا تقصد الْأَمِير؟ قَالَ: لِأَنِّي أرَاهُ يُعْطي وَاحِدًا لغير حَسَنَة وَلَا يَد، وَيقتل آخر بِلَا سَيِّئَة وَلَا ذَنْب. وَلست أَدْرِي أَي الرجلَيْن أكون أَنا، وَلست أَرْجُو مِنْهُ مِقْدَار مَا أخاطر بِهِ. قيل: الْعَاقِل من طلب السَّلامَة من عمل السُّلْطَان، فَإِنَّهُ إِن عف جنى عَلَيْهِ العفاف عَدَاوَة الْخَاصَّة، وَإِن بسط جنى عَلَيْهِ الْبسط أَلْسِنَة الْعَامَّة. قَالَ سعيد بن حميد: مجْلِس السُّلْطَان كالحمام؛ من فِيهِ يُرِيد الْخُرُوج وَمن هُوَ خَارج يُرِيد الدُّخُول فِيهِ. ابْن المقفع: إقبال السُّلْطَان تَعب، وإعراضه مذلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>