للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَاب الرَّابِع كَلَام الْمُهلب وَولده

قيل للمهلِّب: مَا النبلُ؟ قَالَ أَن يخرج الرجلُ من منزله وَحده ويعودَ فِي جمَاعَة. وَقَالَ: مَا رأيتُ الرجل يضيقُ قلوبُها عِنْد شَيْء كَمَا تضيق عِنْد السرِّ. خطب يزيدُ بنُ الْمُهلب بواسطٍ فَقَالَ: إِنِّي قد أسمعُ قَول الرِّعاع: قد جَاءَ مسلمةُ وَقد جاءَ العباسُ، وَقد جَاءَ أهلُ الشَّام. وَمَا أهل الشَّام إِلَّا تسعةُ أسياف: سبعةٌ مِنْهَا معي، وَاثْنَانِ عَليّ. وَأما مسلمة فجرادة صَفراء، وَأما العباسُ فنسطوسُ بنُ نسطوس، أَتَاكُم فِي بَرابَرة وصقالية، وجَرَامقة، وأقباط، وأنباط، وأخلاط. إِنَّمَا أقبل إِلَيْكُم الفلاحُون وأوباشٌ كأشْلاء اللَّحْم. وَالله مَا لقوا قطّ كحدكم، وحَديدكم، وعَديدكم. وأعيُروني سَواعدكم سَاعَة من نَهَار تصِفقُون بهَا خراطيمهُم. وَإِنَّمَا هِيَ غَدوة أَو روحةٌ حَتَّى يحكُمَ الله بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الظَّالِمين. قَالَ المهلبُ: يَا بني، تباذلُوا تحَابوا، فَإِن بني الْأُم يختلفُون، فَكيف ببني العلات؟ إِن الْبر ينسأ فِي الأجَل، ويزيدُ فِي العَدَد، وَإِن القطيعة تُورث الْقلَّة، وتُعقب النَّار بعد الذلة. وَاتَّقوا زلَّة اللِّسان، فَإِن الرجل تزلُّ رجلُه، فينتقشُ، ويزل

<<  <  ج: ص:  >  >>