للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُنجَّي المؤمنون به ويُخْزي ... به الكفَّار عند مَقام مَهْلِ

فَمَهْلاً قد غَوِيتَ فلا تَعِبْني ... غَوىَّ الحيِّ ويْحك يا ابن جَهْلِ!

وفي السهم الكامل خصال محمودة تزين الرماية وتشد الحك والغسل، والتحريك.

قال شيوخ هذه الطريقة: القصير حقير، والبارز فارس، ولكل شيء حبيب، وحبيب القوس السهمُ العدل.

[فصل]

واعلم أن الحديد سبعةَ عَشَرَ صِنفاً، أربعة منها للصيد، وذلك: الزجُّ، والشلياط، والمرجفلي، والمجنَّح. وثلاثة للدرع وذلك: السّبط، والمربَّع الطويل، والمثلّث. وأربعة للتُّرس وذلك: المربَّع القصير، والقطرال، والبلُّوطة، والشبري. وأربعة للدَّرق: وذلك الشِّلياط، وهو أصغر من الصيد، والطموح، والمجواف، والملحاني واثنان لمعنيين آخرين: وهما: البجوق وهو لقطع البشت وسهم الحمى وهو لخرق السفن وأبراج العود. فلا تخل من هذه الأصناف المذكورة، ولْتُعلَّم على أفواقها لتكون معلومة عندك أن تمد يدك إلى كنانتك في وقت الحاجة وتخرج الذي تريد منها.

وقد قيل:) قبل الرمي تراش السهام (. والكلام في هذا الباب يطول، إذ لو تتبعنا الكلام في القوس والنبل والرمي لخرجنا عن مقصود التأليف.

[فصل]

ومما جاء من الشعر في القوس:

أنا القوسُ الذي لا شكَّ أَنِّي ... أُبيدُ الأُسْدَ في الحرب الزَّبُونِ

أنا أقضي على الأبطال قِدْما ... وفي كَبدي سِهامٌ بالمَنون

سِهامٌ فُوِّقت لي من كمين ... فَوَيْلٌ للكُماة من الكمين

إذا فوّقتُ سهمي ليس يُلْقَى ... بتُرْسٍ، لا ولا دِرع حصين

ومن ذلك أيضاً:

سَلُوا حَلَق الماذيِّ عن حدِّ أَسْهُمٍ ... فقد ثَلَّمتْ حَدَّ القنا والقواضب

تخبِّرْكُمُ أني إذا الخيل أوجفتْ ... شَريكُ المنايا في نفوس الكتائب

إذا سَمِعَ الأبطال في الرَّوْع هزَّتي ... رأيتهُم تحت الِعتَاق الشّوازبِ

كأنَّ اهتزازي نفخة الصُّور كلما ... أصاخوا لها خَرَّوا على كل جانبِ

لئن فَخَرَ الخطِّيُّ إن شُبِّهت به ... حِسَانُ التثَنِّي من قُدود الكواعب

ففي أسهم الألحاظ للفخر مسرح ... إذا رُمْتَهُ، أو في قِسِيِّ الحواجب!

ومن ذلك أيضاً:

سِهامي نافذاتٌ في الأعَادي ... إذا الرامي أجَادَ بيَ الرِّمايهْ

أُقيمُ بكفه ويصير سَهْمي ... إلى بُعْدِ ويُدرك كل غايةْ

وليس الرمحُ يفعلُ مثلَ فعلي ... ولا السَّيفُ المهنَّدُ في الحمايهْ

فَخَرْتُ على السلاح بذا. وفضلي ... إذا فكَّرْتَ ليس له نِهايهْ

ومن ذلك أيضاً:

ذَرِ الْخَطِّىَّ يَثْنِي مِعْطَفيه ... فإن لأسهمي فَضْلاً عليهِ

إذا كان العُلا قَتْلَ الأعادِي ... أيفضل غَيْر أَسْرَعِنا إليه

والشعر في القوس كثير يطول ذكره.

وأما بالقوس فأنواع القسيِّ مختلفة، وأحوالها متفننة، والعمل بها يحتاج إلى بَسْطٍ لا يحتمله هذا المختصر.

وللرماية كتب معروفة، وصناعة مشهورة، فلينظر منها بحسب ما يليق به ويَخفُّ عليه. لكن عُمدة الفارس الرامي: الفَرسُ الحَسَنُ الرياضة،) والقوس (المتأتية للجرِّ على الفَرَس. وبالله التوفيق.

[الباب الثامن عشر]

[ذكر الدروع]

الدروع قد عَدها الله عز وجل في النعمة التي أنعم بها على الناس، قال المفسرون في قوله تعالى) وسَرَابِيلَ تَقِيكُمْ بأُسَكمُ (: إنها الدروع. وإنها لتدافع الوجل، ما تَرَاخى الأجلَ. ولذلك قال عباد بن الحُصَيْن وقد سألهُ رجل: أي درع كنتَ تحب أن تلقى عدوك فيها؟ فقال له: في أَجَلٍ مُسْتَأخِر.

وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم درع يقال لها:) ذاتُ الفُضُول (، وكانت له درع أخرى إذا علقت بَزَرافينها لم تمسَّ الأرض، وإذا أرسلت مسَّت الأرض. وكان عليه السلام لا يشاهد الحرب إلا بها.

وكان له دِرْعان أصابهما من بني قَيْنُقَاع. يقال لإحداهما) الصُّغدية (. وقيل إنه كان عنده درعُ دَاوُدَ عليه السلام التي كانت عليه يوم قَتْلِ جَالُوتَ.

رُوِي أن لُقمان الحكيمَ كان يجالس داود عليه السلام، وداود يصنع الدرع، ولم يَدْرِ لقمانُ ما هي، ولم يسأله عنها؛ فلما أكملها لَبِسها، وقال إنها لَحِصْنٌ لِيوم بأس، فعِلمَ لقمانُ حينئذ أمْرهَا.

<<  <   >  >>