للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن العظام الكبار ما له لاحقة، وذلك إما في طرفيه كما في عظم الساق، وعظم الفخذ، وعظم الزند الأعلى. وإما في طرف واحد، فإما في الطرف الأعلى، كما في عظم العضد، أو في الطرف الأسفل كما في الزند الأسفل.

وسنتكلم في هيئة هذه اللواحق ومنافعها في المواضع اللائقة بذلك.

قوله: بل في بعضها مسافة يسيرة تملؤها لواحق غضروفية أو شبيهة بالريان غضروفية، ليس يريد بهذه اللواحق، اللواحق التي ذكرناها بل ما يكون عند أطراف العظام ليمنع حك أحد العظمين للآخر، وهذه تارة تكون غضاريف كما في عظام اليدين والرجلين الكبار. وتارة تكون غير غضاريف كالعظام السمسمانية التي من االسلاميات، فإنها خلقت هناك للمنفعة التي للغضاريف وهي تمنع الاحتكاك، وقد علمت أنا متوقفون في ثبوت هذه العظام. والله ولي التوفيق.

الفصل الثاني

تشريح عظام القحف

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه الشرح عظام القحف تطلق تارةً، وبراد بها عظام الرأس كلها واختلف لأطباء فيها. فمنهم من يعد من جملتها العظم الوتدي، وهو الرأي المشهور. ومنهم من يخرج عنها هذا العظم ويعده من عظام اللحى الأعلى.

وأيضاً: منهم من يعد من جملة عظام القحف عظمي اليافوخ. ومنهم من يخرجها عنها والنزاع في ذلك مما ليس له فائدة يعتد بها.

وتارةً يطلق عظام القحف. وبراد بها عظام اليافوخ فقط، وهو الذي أراده الشيخ ها هنا. لأنه في هذا الفصل يقتصر على تشريح عظمي اليافوخ. وفي الفصل الذي بعد هذا، وهو الذي جعله في تشريح ما دون القحف. إنما ذكر فيه تشريح ما سوى عظمي اليافوخ من عظام الرأس. لكنه في هذا الفصل عند ذكره منافع تكثير العظام إنما أراد بعظام القحف جملة عظام الرأس، لأن المنافع التي ذكرها لا تصلح أن تكون منافع بتكثير عظمي اليافوخ فقط، كما ستعرفه في شرحنا لكلامه هناك. ولا شك أن ذلك مستقبح في التصنيف. والكلام في هذا الفصل يشتمل على أربعة مباحث: البحث الأول بيان منافع عظام القحف أعني عظام الرأس كلها قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه أما منفعة جملة عظام القحف فهي أنها جنة للدماغ، ساترة له، وواقية من الآفات. وأما المنفعة في خلقها قبائل كثيرة، وعظاماً فوق واحدة.... إلى قوله: والشكل الطبيعي لهذا العظم.

الشرح قد ذكر الشيخ ها هنا لتكثير هذه العظام ستة منافع: المنفعة الأولى: أن الآفة العارضة لا تعم. وبيان هذا أن العظم الواحد لا مانع فيه من سريان ما يعرض له من الآفات كالشق والعفونة، ونحو ذلك من الفساد. ولا كذلك العظام الكثيرة. لأن الصدع مثلاً: إذا انتهى في عظم إلى موضع الوصل بينه وبين غيره، لم يتمكن من السريان في العظم الذي يليه، ويكون المفصل الواقع بينهما مانعاً من زلك السريان. ولا شك أن ذلك منفعة.

ولقائل أن يقول: كما أن هذه المفاصل نافعة بهذا الوجه كذلك هي أيضاً ضارة بوجه آخر. وذلك لأن الرأس إذا كان من عظام كثيرة وعرض لو احد منها صدع انتهى إلى طرفيه، فإنه حينئذ ينفتح لبطلان الاتصال، ولا كذلك إذا كان عظماً واحداً، فإنه حينئذٍ إذا عرض صدع بذلك القدر أو أكثر منه قليلاً، بقي العظم متصلاً بما سوى موضع الصدع فلا تنفتح.

وجوابه: أن هذا التضرر منتف في عظام الرأس، لأن مفاصلها مدروزة فإذا انصدع منها عظم بقي كل جزء منه محفوظاً في موضعه لتشبثه بالعظام المجاورة له.

والمنفعة الثانية: أن بعض عظام الرأس يجب أن يكون شديد التخلخل كعظمي اليافوخ وبعضها أن يكون شديد الصلابة كالعظم الوتدي. وبعضها يجب أن يكون جرمه متوسطاً بين هذين كعظام الجدران. والجدار المقدم يجب أن يكون ألين، والمؤخر أصلب، واللذين يمنة ويسرة بينهما في الصلابة. وسنذكر منافع ذلك كله، وإذا كان كذلك لم يحسن، ولا يجوز أن يكون الجميع عظماً واحداً، وذلك لأمرين: أحدهما: أنه لو كان عظماً واحداً لكان الجزء اللين منه مهيئاً لقبول الآفات وذلك لأن اللين بنفسه سهل القبول، فإذا عرضت له آفة، وكان العظم واحداً تهيأ الباقي للانفعال.

<<  <   >  >>