للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وسبب ذلك أن الإنسان يسهل عليه توجيه ثقب أذنه إلى جميع الجهات لأجل سهولة حركة رأسه لذلك ولا كذلك غيره من الماشية ونحوها، وكذلك كل حيوان له أذن بارزة غير الإنسان فإن أذنيه تكونان فوق رأسه وذلك لأجل طأطأة رأسه خاصة عند المرعى، ونحو ذلك بخلاف الإنسان فإن أذنيه في وسط جانبي رأسه وذلك لأن الإنسان يسهل عليه تحريك رأسه إلى جميع الجهات.

وقوله: وجعل له صدف معوج ليحبس جميع الصوت أما فائدة صدفة الأذن فليكون له آلة لجمع الصوت كما في رأسي الباذهنج.

وأما فائدة تعويجه وتعريجة فليكون ما يقع في داخل هذه الصدفة ممنوعاً فيها من التعريج عند دخول ذلك الشيء في ثقب الأذن. وذلك لأجل احتباسه في ذلك التعريج.

قوله: وهذه العصبة في أحوال السمع كالجليدية في أحوال الإبصار هذا بناء على قولهم إن وقوع أشباح المرئيات هو على سطح الجليدية ونحن قد أبطلناه.

وألفاظ باقي الفصل ظاهرة. والله ولي التوفيق.

[فصل]

[تشريح الأنف]

قال الشيخ الرئيس رحمة الله عليه تشريح الأنف يشتمل ... إلى آخر الفصل.

[الشرح]

الأنف مخلوق لكل حيوان يتنفس الهواء وذلك كل حيوان له رئة، ويختص الإنسان بأن أنفه بارز من بين عينيه ليكون وقاية لهما مما يرد إلى العين من جهة الأنف ومنقار الطير يقوم له مقام الأنف. وأما الفيل فلما كان حيواناً عظيم الجثة جداً، وكان ارتفاعه كثيراً لم يكن أن يكون له عنق إذ لو كان له عنق لاحتاج أن يكون طويلا جداً ليصل رأسه إلى الأرض لأجل الرعي ونحوه.

ولو كان كذلك لم يتمكن من حمل رأسه فلذلك جعل عديم العنق، فلذلك تعذر تصويته من فمه وتعذر أكله بدون شيء ممتد يصل إلى الأرض ليأخذ به الغذاء من العشب وذلك الممتد يمكن أن يكون آلة يتنفس بها فلذلك خلق الخرطوم وذلك الخرطوم هو له أنف ومع ذلك فقد جعل آلة يتناول بها ما يتناوله بنفسه أو بشأن وجعل طرفها صلباً ليتمكن به من قطع العشب وغيره فلذلك أنف الفيل يقوم له مقام اليد ومأخذه خرطومه يوصله إلى فمه وهو في أعلى فمه ومن خصائص الإنسان أنه أضعف الحيوان شماً، فلذلك هو محتال على إدراك الرائحة بالتبخر والتسخين بسبب الحك ونحوه والأنف يبتدئ من أسفل واسعاً ثم يتضايق إلى فوق أما سعته من أسفل فليأخذ هواءً كثيراً، وأما ضيقه في أعلاه فليمكن ما يصحب الهواء المستنشق من النسيم ونحوه من النفوذ إلى داخل، وإنما ابتدأ من أسفل إلى فوق، ولم يحصل أو له فوق بحذاء آلة الشم، وذلك ليكون الهواء المجذوب إلى الرئة صعود ونزول معين على انجذابه وكذلك لاستحالة الخلاء وهذا كما في الأنابيب التي تعمل لانجذاب الماء فيها لأجل استحالة الخلاء، وعند أعلى الأنف منفذان دقيقان جداً ينفذان إلى داخل العينين بحذاء الموق الأعظم وفيهما تنفذ الروائح الحادة وغيرها إلى داخل العينين ولذلك تتضرر العينان برائحة الصنان القوي ولذلك أيضا تدمع عند شم مثل البصل ومن هذين المنفذين تندفع الفضول الغليظة التي في داخل العينين وهي التي تغلظ عند الاندفاع بالدموع. وإذا حدث لهذين المنفذين انسداد كما عند الغرب كثرت الفضول في العينين ولذلك تكثر أمراضها حينئذٍ وإذا انتهى الأنف إلى أعلاه انقسم المجرى هناك إلى ثلاثة أقسام:

<<  <   >  >>