للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَقَالَ عَبْدُ الْجَبَّارِ أَيْضًا فِي الْفَرْقِ بَيْنَ امْتِنَاعِ تَأْخِيرِ بَيَانِ التَّخْصِيصِ وَجَوَازِ تَأْخِيرِ بَيَانِ النَّسْخِ: إِنَّ تَأْخِيرَ بَيَانِ التَّخْصِيصِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي كُلِّ شَخْصٍ مِنَ الْأَشْخَاصِ الْمُنْدَرِجَةِ تَحْتَ الْعَامِّ أَنَّهُ هَلْ مُرَادٌ مِنَ الْعَامِّ أَمْ لَا؟ .

بِخِلَافِ تَأْخِيرِ بَيَانِ النَّسْخِ فَإِنَّهُ لَا يُوجِبُ الشَّكَّ لِإِمْكَانِ الْعَمَلِ بِالْمَنْسُوخِ قَبْلَ وُرُودِ الْبَيَانِ.

أَجَابَ بِأَنَّ جَوَازَ تَأْخِيرِ بَيَانِ التَّخْصِيصِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَشْخَاصِ عَلَى الْبَدَلِ لَا عَلَى الْجَمْعِ، لِأَنَّ التَّخْصِيصَ: إِخْرَاجُ الْبَعْضِ.

وَجَوَازُ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ فِي النَّسْخِ يُوجِبُ الشَّكَّ فِي جَمِيعِ الْأَشْخَاصِ. فَكَانَ جَوَازُ تَأْخِيرِ التَّخْصِيصِ أَجْدَرَ وَأَوْلَى.

[مَسْأَلَةٌ: الْمُخْتَارُ عَلَى الْمَنْعِ جَوَازُ تَأْخِيرِ إِسْمَاعِ الْمُخَصِّصِ الْمَوْجُودِ]

ش - الْمَانِعُونَ مِنْ جَوَازِ تَأْخِيرِ الْبَيَانِ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّهُ هَلْ يَجُوزُ تَأْخِيرُ إِسْمَاعِ الْمُخَصِّصِ الْمَوْجُودِ أَمْ لَا؟ وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ جَوَازَ تَأْخِيرِ إِسْمَاعِ الْمُخَصِّصِ الْمَوْجُودِ وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِوَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا - أَنَّ الْمُخَصِّصَ الْمَوْجُودَ وَقْتَ الْخِطَابِ أَقْرَبُ مِنَ الْمُخَصِّصِ الَّذِي لَمْ يُوجَدْ وَقْتَ الْخِطَابِ ; لِإِمْكَانِ سَمَاعِهِ قَبْلَ سَمَاعِ الْعَامِّ بِأَنْ يُسْمِعَ الشَّارِعُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمُكَلَّفِ قَبْلَ إِسْمَاعِهِ فَيُعْرَفُ مِنْهُ، أَوْ بَعْدَ سَمَاعِ الْعَامِّ بِالِاسْتِكْشَافِ، بِخِلَافِ الْمُخَصِّصِ الَّذِي لَمْ يُوجَدُ.

وَإِذَا كَانَ أَقْرَبَ جَازَ تَأْخِيرُهُ ; لِأَنَّ جَوَازَ الْأَبْعَدِ يَقْتَضِي جَوَازَ الْأَقْرَبِ.

الثَّانِي - أَنَّ تَأْخِيرَ إِسْمَاعِ الْمُخَصِّصِ وَاقِعٌ، وَالْوُقُوعُ دَلِيلُ الْجَوَازِ.

وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ وَاقِعٌ ; لِأَنَّ فَاطِمَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - سَمِعَتْ {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء: ١١] وَلَمْ تَسْمَعْ " نَحْنُ مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ " وَهُوَ مُخَصِّصٌ لِلْآيَةِ.

وَأَيْضًا سَمِعَ الصَّحَابَةُ قَوْلَهُ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] وَلَمْ

<<  <  ج: ص:  >  >>