للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَدَفَعُوا أَيْضًا بِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ ذَبَحَ وَالْتَحَمَ عُقَيْبَةً، أَيْ صَارَ صَحِيحًا؛ يُقَالُ: الْتَحَمَ الْجُرْحُ لِلْبُرْءِ.

وَبِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنَّهُ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى حَلْقِهِ صَفِيحَةَ نُحَاسٍ أَوْ حَدِيدٍ، فَيَمْتَنِعُ الذَّبْحُ، لَا أَنَّهُ نَسْخٌ.

أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا يُسْمَعُ هَذَا الدَّفْعُ.

أَمَّا الْأَوَّلُ - فَلِأَنَّهُ لَوْ ذَبَحَ وَالْتَحَمَ لَمْ يَحْتَجْ إِلَى الْفِدَاءِ.

وَأَمَّا الثَّانِي - فَلِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ الْأَمْرُ بِالذَّبْحِ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ، وَهُوَ مُحَالٌ عِنْدَ الْمُعْتَزِلَةِ.

وَمَعَ هَذَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ نَسْخًا قَبْلَ التَّمَكُّنِ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ الذَّبْحِ عِنْدَ وُجُودِ الصَّفِيحَةِ.

وَالصَّفِيحَةُ: السَّيْفُ الْعَرِيضُ، وَوَجْهُ كُلِّ شَيْءٍ عَرِيضٍ.

ش - الْمَانِعُونَ مِنْ جَوَازِ النَّسْخِ قَبْلَ الْفِعْلِ قَالُوا: لَا يَجُوزُ النَّسْخُ قَبْلَ الْفِعْلِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمُكَلَّفَ إِنْ كَانَ مَأْمُورًا بِالْفِعْلِ فِي وَقْتِهِ، فَلَوْ نُسِخَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَأْمُورًا بِالْفِعْلِ، غَيْرَ مَأْمُورٍ بِهِ، فَيَلْزَمُ تَوَارُدُ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ عَلَى شَيْءٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ مُحَالٌ.

وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ، فَلَا نَسْخَ.

أَجَابَ عَنْهُ بِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَأْمُورًا بِهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ لِوُجُودِ النَّاسِخِ فِيهِ، بَلْ يَكُونُ مَأْمُورًا بِهِ قَبْلَهُ، وَانْقَطَعَ عَنْهُ التَّكْلِيفُ عِنْدَ دُخُولِ وَقْتِهِ بِالنَّاسِخِ، كَمَا يَنْقَطِعُ التَّكْلِيفُ عَنْهُ بِالْمَوْتِ.

[مَسْأَلَةٌ: الْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ مِثْلَ: صُومُوا أَبَدًا]

ش - ذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ نَسْخِ الْأَمْرِ الْمُقَيَّدِ بِالتَّأْبِيدِ مِثْلَ: صُومُوا أَبَدًا.

خِلَافًا لِبَعْضِ الْأُصُولِيِّينَ.

بِخِلَافِ الْخَبَرِ الْمُقَيَّدِ بِالتَّأْبِيدِ، مِثْلَ: الصَّوْمُ وَاجِبٌ مُسْتَمِرٌّ أَبَدًا، فَإِنَّ الْأَكْثَرَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ نَسْخُهُ؛ لِلُزُومِ التَّنَاقُضِ، وَالْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَوَّلِ جَوَازُ النَّسْخِ.

وَاحْتَجَّ عَلَيْهِ بِأَنَّ قَوْلَهُ: صُومُوا أَبَدًا، لَا يَزِيدُ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى تَعْيِينِ الْوَقْتِ وَالتَّنْصِيصِ عَلَيْهِ عَلَى قَوْلِهِ: صُمْ غَدًا، ثُمَّ يُنْسَخُ قَبْلَ دُخُولِ الْغَدِ، لِمَا ذَكَرْنَا.

فَكَمَا جَازَ نَسْخُ قَوْلِهِ: صُمْ غَدًا قَبْلَ دُخُولِ الْغَدِ، فَكَذَلِكَ جَازَ نَسْخُ: صُومُوا أَبَدًا.

الْمَانِعُونَ مِنْ جَوَازِ نَسْخِ الْأَمْرِ الْمُقَيَّدِ بِالتَّأْبِيدِ (قَالُوا: نَسْخُ الْأَمْرِ الْمُقَيَّدِ بِالتَّأْبِيدِ يُوجِبُ التَّنَاقُضَ ; لِأَنَّ صِيغَةَ التَّأْبِيدِ) تَقْتَضِي الْإِيجَابَ أَبَدًا، وَنَسْخَهُ يَقْتَضِي عَدَمَ الْإِيجَابِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، فَيَلْزَمُ التَّنَاقُضُ.

أَجَابَ بِأَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ إِيجَابِ صَوْمِ غَدٍ، وَبَيْنَ انْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ قَبْلَ الْغَدِ بِالنَّاسِخِ، كَانْقِطَاعِ التَّكْلِيفِ قَبْلَ الْغَدِ بِالْمَوْتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>