للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَالتَّعَبُّدُ بِالْقِيَاسِ هُوَ الْأَمْرُ بِمُتَابَعَةِ الظَّنِّ. وَالْعَقْلُ لَا يُجَوِّزُ أَنْ يَأْمُرَ الشَّارِعُ بِمُوَافَقَةِ الظَّنِّ مَعَ أَمْرِهِ بِمُخَالَفَتِهِ.

أَجَابَ بِأَنْ لَا نُسَلِّمَ أَنَّهُ أَمْرٌ بِمُخَالَفَةِ الظَّنِّ، بَلْ عُلِمَ أَنَّهُ أَمْرٌ بِمُتَابَعَةِ الظَّنِّ، كَالْأَمْرِ بِمُتَابِعَةِ خَبَرِ الْوَاحِدِ، وَظَاهِرِ الْكِتَابِ وَالشَّهَادَاتِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمَظْنُونَاتِ.

وَإِنَّمَا مَنَعَ الشَّارِعُ فِي الصُّوَرِ الَّتِي ذَكَرْتُمُ الْعَمَلَ بِالظَّنِّ لِمَانِعٍ خَاصٍّ، لَا لِعَدَمِ جَوَازِ الْعَمَلِ بِالظَّنِّ، جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ.

[[مسلك النظام ورده]]

ش - احْتَجَّ النَّظَّامُ عَلَى امْتِنَاعِ التَّعَبُّدِ بِالْقِيَاسِ عَقْلًا بِأَنَّهُ إِذَا ثَبَتَ وُرُودُ الشَّرْعِ بِالْفَرْقِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَاتِ وَالْجَمْعِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ، اسْتَحَالَ تَعَبُّدُ الشَّرْعِ بِالْقِيَاسِ عَقْلًا، وَالْمُقَدَّمُ حَقٌّ، وَالتَّالِي مِثْلُهُ.

بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ الْقِيَاسَ إِنَّمَا يُمْكِنُ بِاعْتِبَارِ الْجَامِعِ، وَالشَّرْعُ إِذَا لَمْ يَعْتَبِرِ الْمِثْلِيَّةَ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَاتِ، وَاعْتَبَرَ الْجَمْعَ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ، لَزِمَ عَدَمُ اعْتِبَارِ الْجَامِعِ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ الْجَامِعُ مُعْتَبَرًا، لَزِمَ اعْتِبَارُ الْمِثْلِيَّةِ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَاتِ لِلْجَامِعِ، وَعَدَمُ اعْتِبَارِ الْجَمْعِ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ لِعَدَمِ الْجَامِعِ.

وَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْجَامِعُ مُعْتَبَرًا، امْتَنَعَ الْقِيَاسُ ; وَإِذَا امْتَنَعَ الْقِيَاسُ، امْتَنَعَ التَّعَبُّدُ بِهِ عَقْلًا.

أَمَّا بَيَانُ وُقُوعِ الْجُزْءِ الْأَوَّلِ مِنَ الْمُقَدَّمِ، وَهُوَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَاتِ، فَكَإِيجَابِ الْغُسْلِ وَغَيْرِهِ - كَإِبْطَالِ الصَّوْمِ - بِالْمَنِيِّ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْبَوْلِ وَالْمَذْيِ، وَكَإِيجَابِ الْغُسْلِ مِنْ بَوْلِ الصَّبِيَّةِ وَالنَّضْحِ - أَيِ الرَّشِّ - مِنْ بَوْلِ الصَّبِيِّ، وَكَإِيجَابِ قَطْعِ سَارِقِ الْقَلِيلِ دُونَ غَاصِبِ الْكَثِيرِ، وَكَإِيجَابِ الْجَلْدِ بِنِسْبَةِ الزِّنَا دُونَ نَسَبِهِ الْكُفْرِ وَالْقَتْلِ، وَكَإِيجَابِ الْقَتْلِ بِالشَّاهِدَيْنِ دُونَ إِيجَابِ حَدِّ الزِّنَا، وَكَعِدَّتَيِ الْمَوْتِ وَالطَّلَاقِ.

وَأَمَّا وُقُوعُ الْجُزْءِ الثَّانِي مِنَ الْمُقَدَّمِ، وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْمُخْتَلِفَاتِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>