للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

الْأَوَّلُ: أَنَّ فِي الْحُدُودِ وَالْكَفَّارَاتِ تَقْدِيرًا لَا يُعْقَلُ، أَيِ الْحُدُودُ وَالْكَفَّارَاتُ مِنَ الْأُمُورِ الْمُقَدَّرَةِ الَّتِي لَا يُعْقَلُ الْمَعْنَى الْمُوجَبُ لِلْحُكْمِ فِيهِ.

أَجَابَ بِأَنَّهُ إِذَا فُهِمَتِ الْعِلَّةُ الْمُوجِبَةُ لِلْحُكْمِ، وَجَبَ الْقِيَاسُ، وَقَدْ فُهِمَتِ الْعِلَّةُ، كَمَا فِي قِيَاسِ الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ عَلَى الْقَتْلِ بِالْمُحَدَّدِ، وَكَقِيَاسِ قَطْعِ النَّبَّاشِ عَلَى قَطْعِ السَّارِقِ.

الثَّانِي: أَنَّ الْقِيَاسَ يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ وَالشُّبْهَةَ لِكَوْنِهِ ظَنِّيًّا، فَلَا يَثْبُتُ الْحُدُودُ بِهِ ; لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «ادْرَءُوا الْحُدُودَ بِالشُّبَهَاتِ» ".

أَجَابَ بِأَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ وَالشَّهَادَةِ، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَحْتَمِلُ الْخَطَأَ وَالشُّبْهَةَ ; لِكَوْنِهِ ظَنِّيًّا مَعَ ثُبُوتِ الْحَدِّ بِهِ.

[مسألة جريان القياس في الْأَسْبَابِ]

ش - اخْتُلِفَ فِي إِجْرَاءِ الْقِيَاسِ فِي الْأَسْبَابِ، وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ الْقِيَاسُ فِي الْأَسْبَابِ.

وَذَهَبَ بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ إِلَى خِلَافِهِ، وَصُورَتُهُ أَنَّ اللِّوَاطَ سَبَبٌ لِلْحَدِّ قِيَاسًا عَلَى الزِّنَا، وَاحْتَجَّ الْمُصَنِّفُ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ بِوَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ لَوْ صَحَّ الْقِيَاسُ فِي الْأَسْبَابِ، لَصَحَّ الْقِيَاسُ بِالْوَصْفِ الْمُرْسَلِ، وَالتَّالِي بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ.

بَيَانُ الْمُلَازَمَةِ أَنَّ وَصْفَ الْفَرْعِ كَاللِّوَاطِ مَثَلًا مُرْسَلٌ ; لِأَنَّ الْفَرْضَ تَغَايُرُ الْوَصْفَيْنِ، أَعْنِي وَصْفَ الْفَرْعِ الَّذِي هُوَ اللِّوَاطُ، وَوَصْفَ الْأَصْلِ الَّذِي هُوَ الزِّنَا، وَقَدْ شَهِدَ أَصْلٌ بِاعْتِبَارِ وَصْفِ الزِّنَا، وَلَمْ يَشْهَدْ أَصْلٌ بِاعْتِبَارِ وَصْفِ اللِّوَاطِ، فَيَكُونُ مُرْسَلًا.

وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّ تَغَايُرَ الْوَصْفَيْنِ لَا يُوجِبُ عَدَمَ شَهَادَةِ أَصِلٍ بِاعْتِبَارِ وَصْفِ اللِّوَاطِ.

وَذَلِكَ لِأَنَّ اللِّوَاطَ قِيسَ عَلَى الزِّنَا فِي السَّبَبِيَّةِ لِمَعْنًى أَوْجَبَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>