للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

شَرْعِيٍّ ; لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُكْمِ الشَّرْعِيِّ: خِطَابُ اللَّهِ - تَعَالَى - الْمُتَعَلِّقُ بِأَفْعَالِ الْمُكَلَّفِينَ بِالِاقْتِضَاءِ أَوِ التَّخْيِيرِ، وَالتَّوْحِيدُ وَكَوْنُ الْكِتَابِ حُجَّةً لَيْسَا كَذَلِكَ.

وَعَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ تَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ لَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ اسْتِفْرَاغُ الْفَقِيهِ فِي بَعْضِ الْأَحْكَامِ دُونَ بَعْضٍ اجْتِهَادًا ; لِأَنَّ عَدَمَ تَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ وَشَرْطَ صِحَّةِ الِاجْتِهَادِ لَا دَاخِلَ فِي مَاهِيَّتِهِ، وَهَذَا التَّعْرِيفُ لِمَاهِيَّةِ الِاجْتِهَادِ.

وَعَنِ الْعَكْسِ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ خُرُوجَ اجْتِهَادِ مَنْ لَمْ يَكُنْ مُجْتَهِدًا فِي الْجَمِيعِ إِنْ قُلْنَا بِتَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ.

قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَا يَكُونُ فَقِيهًا عَلَى ذَلِكَ التَّقْدِيرِ.

قُلْنَا: لَا نُسَلِّمُ ; فَإِنَّ الْعَارِفَ بِبَعْضِ الْأَحْكَامِ فَقِيهٌ.

وَأَمَّا عَدَمُ الِانْعِكَاسِ بِخُرُوجِ اجْتِهَادِ الرَّسُولِ فَوَارِدٌ.

[مَسْأَلَةٌ الاختلاف فِي تَجَزُّؤ الِاجْتِهَادِ]

ش - اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي أَنَّهُ هَلْ يَتَجَزَّأُ الِاجْتِهَادُ أَمْ لَا؟ وَالْمُرَادُ بِتَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ التَّمَكُّنُ مِنَ اسْتِخْرَاجِ بَعْضِ الْأَحْكَامِ دُونَ بَعْضٍ، كَالْفَرْضِيِّ إِذَا تَمَكَّنَ مِنَ اسْتِخْرَاجِ الْأَحْكَامِ فِي الْفَرَائِضِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ اسْتِخْرَاجِ الْأَحْكَامِ فِي غَيْرِ الْفَرَائِضِ.

فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ: يَتَجَزَّأُ الِاجْتِهَادُ، وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَ.

وَمُثْبِتُ تَجَزُّؤِ الِاجْتِهَادِ احْتَجَّ بِوَجْهَيْنِ:

الْأَوَّلُ: لَوْ لَمْ يَتَجَزَّأِ الِاجْتِهَادُ، لَعَلِمَ الْمُجْتَهِدُ جَمِيعَ الْأَحْكَامِ ; لِوُجُوبِ تَمَكُّنِهِ حِينَئِذٍ مِنَ اسْتِخْرَاجِ جَمِيعِ الْأَحْكَامِ.

وَالتَّالِي بَاطِلٌ، فَإِنَّ مَالِكًا - مَعَ عُلُوِّ شَأْنِهِ - لَمْ يَعْلَمِ الْجَمِيعَ ; لِأَنَّهُ سُئِلَ عَنْ أَرْبَعِينَ مَسْأَلَةً، فَقَالَ فِي سِتٍّ وَثَلَاثِينَ مِنْهَا: لَا أَدْرِي.

أَجَابَ بِأَنَّ مَالِكًا إِنَّمَا لَمْ يُجِبْ عَنْ تِلْكَ الْمَسَائِلِ لِتُعَارُضِ الْأَدِلَّةِ عِنْدَهُ، لَا لِعَدَمِ تَمَهُّرِهِ فِي الْجَمِيعِ.

وَبِأَنَّهُ إِنَّمَا لَمْ يُجِبْ عَنْهَا بِسَبَبِ عَجْزِهِ عَنِ الْمُبَالَغَةِ فِي اسْتِفْرَاغِ الْوُسْعِ فِي الْحَالِ بِسَبَبِ مَانِعٍ، وَلَكِنْ كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنَ اسْتِخْرَاجِ مَا سُئِلَ عَنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>