للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

وَلَا نِزَاعَ فِي أَنَّ فِي صُورَةِ " ثُمَّ طَالِقٌ " تَقَعُ طَلْقَةً وَاحِدَةً، فَيَجِبُ أَنْ تَقَعَ فِي صُورَةِ الْوَاوِ أَيْضًا وَاحِدَةً. فَكَيْفَ يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ إِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ فِي صُورَةِ الْوَاوِ.

أَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْهُ بِأَنَّهُ قَالَ مَالِكٌ: إِنَّهُ يَقَعُ الثَّلَاثُ بِثُمَّ فِي صُورَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا، وَلَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّتُهُ فِي التَّأْكِيدِ، أَيْ لَمْ تُحْمَلْ عَلَى التَّأْكِيدِ، إِذَا قَالَ الزَّوْجُ: أَرَدْتُ بِهِ التَّأْكِيدَ. كَمَا يَقَعُ الثَّلَاثُ بِالْوَاوِ فِي صُورَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا. وَلَمْ تُعْتَبَرْ نِيَّتُهُ [فِي التَّأْكِيدِ] فَتَكُونُ الْوَاوُ بِمَنْزِلَةِ ثُمَّ فِي صُورَةِ الْمَدْخُولِ بِهَا وَفِي عَدَمِ اعْتِبَارِ نِيَّةِ التَّأْكِيدِ بِهَا، لَا فِي صُورَةِ غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا. فَلَمْ يَلْزَمْ عَدَمُ وُقُوعِ الثَّلَاثِ بِالْوَاوِ فِي غَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ.

[الثَّالِثُ: ابْتِدَاءُ الْوَضْعِ]

ش - الْبَحْثُ الثَّالِثُ فِي ابْتِدَاءِ الْوَضْعِ. اعْلَمْ أَنَّ مَعْرِفَةَ ابْتِدَاءِ الْوَضْعِ فَرْعٌ عَلَى مَعْرِفَةِ الْوَاضِعِ ; لِأَنَّهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ أَنَّ الْوَاضِعَ مَنْ هُوَ، لَمْ يَتَحَقَّقِ ابْتِدَاءُ الْوَضْعِ.

فَلِذَلِكَ بَحَثَ الْمُصَنِّفُ عَنِ الْوَاضِعِ. وَالْبَحْثُ عَنِ الْوَاضِعِ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ دَلَالَةَ الْأَلْفَاظِ عَلَى الْمَعَانِي بِالْوَضْعِ لَا بِالذَّاتِ. فَلِذَلِكَ قَدَّمَ الْمُصَنِّفُ إِبْطَالَ قَوْلِ مَنْ قَالَ: إِنَّ دَلَالَةَ الْأَلْفَاظِ عَلَى الْمَعَانِي بِالذَّاتِ وَالطَّبْعِ، - وَهُوَ عَبَّادُ بْنُ سُلَيْمَانَ الضَّمْرِيُّ - فَقَالَ: لَيْسَ بَيْنَ اللَّفْظِ وَمَدْلُولِهِ مُنَاسَبَةٌ طَبِيعِيَّةٌ تَقْتَضِي اخْتِصَاصَ اللَّفْظِ بِالْمَعْنَى فِي الدَّلَالَةِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ الْقَطْعُ بِصِحَّةِ وَضْعِ اللَّفْظِ لِلشَّيْءِ وَنَقِيضِهِ، وَلِلشَّيْءِ وَضِدِّهِ. وَأَيْضًا الْقَطْعُ بِوُقُوعِ اللَّفْظِ عَلَى الشَّيْءِ وَنَقِيضِهِ، كَـ " الْقَرْءِ " الْوَاقِعِ عَلَى الْحَيْضِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ الطُّهْرُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>