للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

فَإِنَّ سَبَبَ وُجُوبِ الزَّكَاةِ تَحَقُّقُ النِّصَابِ وَحِكْمَتَهُ سَدُّ خَلَّةِ الْفُقَرَاءِ. وَحِكْمَةُ الْمَانِعِ لِلسَّبَبِ تُخِلُّ بِحِكْمَةِ السَّبَبِ. الثَّالِثُ: الْحُكْمُ عَلَى الْوَصْفِ بِالشَّرْطِيَّةِ. قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الْوَصْفَ الْمَانِعَ لِلْحُكْمِ هُوَ الْمُسْتَلْزِمُ وُجُودُهُ لِحِكْمَةٍ تَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ. وَالْوَصْفُ الْمَانِعُ لِسَبَبِ الْحُكْمِ هُوَ الْمُسْتَلْزِمُ وُجُودُهُ لِحِكْمَةٍ تَقْتَضِي اخْتِلَالَ حِكْمَةِ السَّبَبِ. فَإِنْ كَانَ الْوَصْفُ يَسْتَلْزِمُ عَدَمُهُ حِكْمَةً تَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ، يُسَمَّى شَرْطَ الْحُكْمِ. وَإِنْ كَانَ الْوَصْفُ يَسْتَلْزِمُ عَدَمُهُ حِكْمَةً تَقْتَضِي اخْتِلَالَ حِكْمَةِ سَبَبِ الْحُكْمِ، يُسَمَّى شَرْطَ السَّبَبِ.

مِثَالُ شَرْطِ السَّبَبِ: الْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ ; فَإِنَّ ثُبُوتَ الْمِلْكِ حُكْمٌ، وَصِحَّةُ الْبَيْعِ سَبَبُهُ، وَإِبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ حِكْمَةُ صِحَّةِ الْبَيْعِ، وَالْقُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ شَرْطُ صِحَّةِ الْبَيْعِ ; لِأَنَّ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّسْلِيمِ يَسْتَلْزِمُ عَدَمَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِانْتِفَاعِ الْمُوجِبِ لِاخْتِلَالِ إِبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ.

مِثَالُ شَرْطِ الْحُكْمِ: الطَّهَارَةُ فِي بَابِ الصَّلَاةِ ; فَإِنَّ حُصُولَ الثَّوَابِ وَدَفْعَ الْعِقَابِ حُكْمٌ، وَالصَّلَاةُ سَبَبُهُ، وَحِكْمَةُ الصَّلَاةِ التَّوَجُّهُ إِلَى جَنَابِ الْحَقِّ، وَالطَّهَارَةُ شَرْطُ الصَّلَاةِ ; فَإِنَّ عَدَمَ الطَّهَارَةِ يَسْتَلْزِمُ مَا يَقْتَضِي نَقِيضَ الْحُكْمِ، أَعْنِي عَدَمَ حُصُولِ الثَّوَابِ وَعَدَمَ دَفْعِ الْعِقَابِ مَعَ بَقَاءِ حِكْمَةِ الصَّلَاةِ.

[الصِّحَّةُ وَالْبُطْلَانُ]

ش - اعْلَمْ أَنَّ مَا هُوَ مِنْ بَابِ الْوَضْعِ اخْتَلَفُوا فِي كَوْنِهِ حُكْمًا شَرْعِيًّا أَمْ لَا.

فَقَالَ قَوْمٌ: خِطَابُ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا يَرِدُ [بِالِاقْتِضَاءِ] وَالتَّخْيِيرِ، فَقَدْ يَرِدُ لِجَعْلِ الشَّيْءِ سَبَبًا وَشَرْطًا وَمَانِعًا. فَلِلَّهِ تَعَالَى فِي الزَّانِي حُكْمَانِ: أَحَدُهُمَا وُجُوبُ الْحَدِّ عَلَيْهِ. وَالثَّانِي جَعْلُ الزِّنَا سَبَبًا لِوُجُوبِ الْحَدِّ.

وَاخْتَارَ الْمُصَنِّفُ هَذَا الْمَذْهَبَ. فَلِهَذَا الْتَزَمَ وُجُوبَ ذِكْرِ الْوَضْعِ فِي تَعْرِيفِ الْحُكْمِ لِاسْتِقَامَتِهِ. وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْحُكْمِ الْوَضْعِيِّ كَوْنَ الزِّنَا مَثَلًا سَبَبًا لِوُجُوبِ الْحَدِّ، بَلِ الْمُرَادُ حُكْمُ الشَّرْعِ بِكَوْنِهِ سَبَبًا، أَيْ مُعَرِّفًا لِوُجُوبِ الْحَدِّ. فَتَكُونُ الْأَقْسَامُ الثَّلَاثَةُ الْمَذْكُورَةُ حُكْمًا وَضْعِيًّا.

وَأَمَّا الصِّحَّةُ وَالْبُطْلَانُ، فَقِيلَ: إِنَّهُمَا مِنْ بَابِ الْوَضْعِ ; لِأَنَّهُمَا مِنَ الْأَحْكَامِ وَلَيْسَتْ دَاخِلَةً فِي الِاقْتِضَاءِ وَالتَّخْيِيرِ ; لِأَنَّ الْحُكْمَ بِصِحَّةِ الْعِبَادَةِ وَبُطْلَانِهَا، وَكَذَا بِصِحَّةِ الْمُعَامَلَاتِ وَبُطْلَانِهَا لَا يُفْهَمُ مِنْهُ اقْتِضَاءٌ وَلَا تَخْيِيرٌ.

وَقَالَ آخَرُونَ: الصِّحَّةُ مَعْنَاهَا: الْإِبَاحَةُ. وَالْبُطْلَانُ مَعْنَاهُ: الْحُرْمَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>