للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

فَعَلَى هَذَا الْبَيَانِ يَكُونُ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِ: " الْمُعْتَرِضُ مُسْتَظْهِرٌ مِنَ الْجَانِبَيْنِ " أَنَّ لِلْمُعْتَرِضِ أَنْ يَمْنَعَ فِي الْأَوَّلِ وَيَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْمُسْتَنَدَ قَاطِعٌ ; إِذْ مِنَ الْجَائِزِ أَنْ لَا يَكُونَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّ دَلِيلَ الْإِجْمَاعِ قَدْ يَكُونُ ظَنِّيًّا. وَأَنْ يَمْنَعَ فِي الثَّانِي الدَّلِيلَ الْمُتَمَسَّكَ بِهِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ.

[إِنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ]

ش - الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: إِنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الظَّنِّيِّ - وَهُوَ السُّكُوتِيُّ، وَالْمَنْقُولُ بِطَرِيقِ الْآحَادِ - لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ.

وَإِنْكَارُ حُكْمِ الْإِجْمَاعِ الْقَطْعِيِّ هَلْ يُوجِبُ الْكُفْرَ أَمْ لَا؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ مَذَاهِبَ: الْأَوَّلُ: يُوجِبُ الْكُفْرَ مُطْلَقًا ; لِأَنَّ إِنْكَارَهُ يَتَضَمَّنُ إِنْكَارَ سَنَدٍ قَاطِعٍ، وَإِنْكَارُ السَّنَدِ الْقَاطِعِ يَتَضَمَّنُ إِنْكَارَ صِدْقِ الرَّسُولِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - الْمُوجِبَ لِلْكُفْرِ.

وَالثَّانِي: لَا يُوجِبُ الْكُفْرَ مُطْلَقًا ; لِأَنَّ أَدِلَّةَ أَصْلِ الْإِجْمَاعِ لَيْسَتْ مُفِيدَةً لِلْعِلْمِ. فَالْإِجْمَاعُ الْمُتَفَرِّعُ عَلَيْهَا لَا يُفِيدُ الْقَطْعُ. فَلَا يَكُونُ إِنْكَارُهُ مُوجِبًا لِلْكُفْرِ.

وَثَالِثُهَا الْمُخْتَارُ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ: إِنْ كَانَ الْإِجْمَاعُ فِي أَمْرِ عِلْمٍ قَطْعًا كَوْنُهُ مِنَ الدِّينِ، كَالْعِبَادَاتِ الْخَمْسِ، كَانَ إِنْكَارُ حُكْمِهِ يُوجِبُ الْكُفْرَ وَإِلَّا فَلَا.

[التَّمَسُّكُ بِالْإِجْمَاعِ فِيمَا لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُ عَلَيْهِ]

ش - الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالْعِشْرُونَ: التَّمَسُّكُ بِالْإِجْمَاعِ فِيمَا لَا يَتَوَقَّفُ الْعِلْمُ بِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً عَلَى الْعِلْمِ بِهِ، صَحِيحٌ. مِثْلَ رُؤْيَةِ الْبَارِي وَنَفْيِ الشَّرِيكِ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِكَوْنِ الْإِجْمَاعِ حُجَّةً لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ بِهِمَا ; لِأَنَّا قَبْلَ الْعِلْمِ بِرُؤْيَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَنَفْيِ الشَّرِيكِ، يُمْكِنُنَا أَنْ نَعْلَمَ صِحَّةَ الْإِجْمَاعِ.

وَلِلْقَاضِي عَبْدِ الْجَبَّارِ، فِي الْأُمُورِ الدُّنْيَوِيَّةِ، مِثْلَ الْآرَاءِ وَالْحُرُوبِ قَوْلَانِ فِي صِحَّةِ التَّمَسُّكِ بِهِ.

لَنَا أَنَّ الدَّلِيلَ السَّمْعِيَّ دَلَّ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهِ مُطْلَقًا، مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ. فَوَجَبَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ التَّقْيِيدِ.

[اشْتِرَاكُ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي السَّنَدِ وَالْمَتْنِ]

[[مقدمة]]

ش - لَمَّا فَرَغَ مِنَ الْأَبْحَاثِ الْمَخْصُوصَةِ بِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْأَدِلَّةِ الثَّلَاثَةِ، شَرَعَ فِي الْأَبْحَاثِ الْمُشْتَرَكَةِ بَيْنَ الثَّلَاثَةِ، فَقَالَ: " وَيَشْتَرِكُ الْكِتَابُ وَالسُّنَّةُ وَالْإِجْمَاعُ فِي السَّنَدِ وَالْمَتْنِ. فَالسَّنَدُ: إِخْبَارٌ عَنْ طَرِيقِ الْمَتْنِ ".

أَعْنِي بَيَانَ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ، بِطَرِيقِ ثُبُوتِهِ، إِمَّا بِالتَّوَاتُرِ أَوِ الْآحَادِ.

[[الخبر والإنشاء]]

[[الخبر]]

ش - أَيِ الْخَبَرُ اسْمٌ لِقَوْلٍ لَهُ صِيغَةٌ وَمَعْنًى مَخْصُوصَانِ. وَاخْتَلَفَ فِي تَحْدِيدِهِ. فَقِيلَ: لَا يُمْكِنُ تَحْدِيدُهُ لِعُسْرِهِ، كَمَا قِيلَ فِي الْعِلْمِ.

ش - قَالَ الْإِمَامُ فَخْرُ الدِّينِ الرَّازِيُّ: الْخَبَرُ غَنِيٌّ عَنِ التَّعْرِيفِ ; لِأَنَّهُ ضَرُورِيٌّ مِنْ وَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>