للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[الشرح]

مَقَالَتِهِ كَمَا سَمِعَهَا، إِنَّمَا يَكُونُ إِذَا نُقِلَ بِلَفْظِهِ.

أَجَابَ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِلَفْظِهِ، بَلْ دَعَا لِمَنْ نَقَلَهُ بِلَفْظِهِ وَأَدَّى كَمَا سَمِعَهُ. وَالدُّعَاءُ لِلنَّاقِلِ بِلَفْظِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى الْوُجُوبِ. بَلْ غَايَتُهُ أَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى الْأَوْلَوِيَّةِ.

الثَّانِي: جَوَازُ نَقْلِ الْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى يُؤَدِّي إِلَى الْإِخْلَالِ بِالْمَعْنَى الْمَقْصُودِ، لِاخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِي دَرْكِ الْمَعَانِي [الْمَقْصُودَةِ] وَتَفَاوُتِهِمْ فِي فَهْمِهَا مِنَ الْأَلْفَاظِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَغْفُلَ النَّاقِلُ عَنْ دَرْكِ بَعْضِ دَقَائِقِهَا وَيَنْقُلَهُ بِلَفْظٍ آخَرَ لَا يَدُلُّ عَلَى تِلْكَ الدَّقَائِقِ. فَلَوْ قُدِّرَ ذَلِكَ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا اخْتَلَّ الْمَعَانِي الْمَقْصُودَةُ بِالْكُلِّيَّةِ.

أَجَابَ بِأَنَّ الْكَلَامَ إِنَّمَا كَانَ فِي النَّاقِلِ لِلْحَدِيثِ بِالْمَعْنَى سَوَاءٌ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَنُقْصَانٍ، فَلَا يَلْزَمُ [الِاخْتِلَالُ] .

[إِذَا كَذَّبَ الْأَصْلُ الْفَرْعَ]

ش - إِذَا كَذَّبَ الْأَصْلُ الْفَرْعَ جَزْمًا، سَقَطَ مَا يَرْوِيهِ الْفَرْعُ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ وَالْقَبُولِ ; لِأَنَّهُ يَلْزَمُ كَذِبُ وَاحِدٍ مِنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ لَا عَلَى التَّعْيِينِ ; لِأَنَّهُ إِنْ صَدَقَ الْأَصْلُ فِي التَّكْذِيبِ، يَلْزَمُ كَذِبُ مَا رَوَاهُ الْفَرْعُ عَنْهُ. وَإِنْ كَذَبَ الْأَصْلُ يَلْزَمُ جَرْحُهُ بِتَكْذِيبِهِ. وَأَيًّا مَا كَانَ يَلْزَمُ عَدَمُ قَبُولِ مَا رَوَاهُ الْفَرْعُ عَنْهُ.

وَلَا يَقْدَحُ كَذِبُ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَا عَلَى التَّعْيِينِ فِي عَدَالَةِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ ; لِأَنَّ عَدَالَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى التَّعْيِينِ مُتَيَقَّنٌ فِيهَا، وَكَذِبُهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ. وَالْمَشْكُوكُ لَا يَقْدَحُ فِي الْمُتَيَقَّنِ فِيهِ.

وَإِنْ لَمْ يُكَذِّبِ الْأَصْلُ الْفَرْعَ جَزْمًا، بَلْ قَالَ: لَا أَدْرِي صِحَّةَ مَا قَالَهُ الْفَرْعُ، فَفِي وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ خِلَافٌ.

وَالْأَكْثَرُ عَلَى أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ. خِلَافًا لِبَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ. وَلِأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رِوَايَتَانِ: إِحْدَاهُمَا أَنَّهُ يُعْمَلُ بِهِ، وَالْأُخْرَى أَنَّهُ لَا يُعْمَلُ بِهِ.

وَالدَّلِيلُ عَلَى مَذْهَبِ الْأَكْثَرِ أَنَّ الْمُوجِبَ لِلْعَمَلِ بِهِ مَوْجُودٌ، وَالْمَانِعَ مَفْقُودٌ، فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِالْمُوجِبِ السَّالِمِ عَنِ الْمَانِعِ.

أَمَّا وُجُودُ الْمُوجِبِ فَلِأَنَّ الرَّاوِيَ عَدْلٌ، وَالْعَدَالَةُ تُوجِبُ الْعَمَلَ بِهِ. وَأَمَّا انْتِفَاءُ الْمَانِعِ فَلِعَدَمِ تَكْذِيبِ الْأَصْلِ إِيَّاهُ. وَقَوْلُ الْأَصْلِ: لَا أَدْرِي، لَيْسَ بِتَكْذِيبٍ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْأَصْلُ قَدْ نُسِيَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>