. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[الشرح]
التَّخْصِيصَ إِنَّمَا يَحْتَاجُ إِلَى الدَّلِيلِ لِيَكُونَ الدَّلِيلُ مُعَارِضًا لِمُقْتَضَى الْعُمُومِ، وَلَا مُقْتَضًى لِلْعُمُومِ إِلَّا هَذِهِ الْأَلْفَاظُ فَيَكُونُ حَقِيقَةً لَهُ.
وَأَيْضًا: هَذِهِ الْأَلْفَاظُ إِنَّمَا تَكُونُ حَقِيقَةً لِلْخُصُوصِ إِذَا لَمْ تَكُنْ مُحْتَاجَةً إِلَى قَرِينَةٍ وَدَلِيلٍ مُوجِبٍ لِلتَّخْصِيصِ ; لِأَنَّ الْحَقِيقَةَ لَا تَحْتَاجُ إِلَى قَرِينَةٍ وَدَلِيلٍ؛ وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ لَا تَكُونُ لِلْخُصُوصِ إِلَّا بِدَلِيلٍ وَقَرِينَةٍ، فَلَا تَكُونُ حَقِيقَةً لَهُ.
ش - الْقَائِلُ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ، احْتَجَّ بِأَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَاظَ أُطْلِقَتْ لِلْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ.
وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ، فَتَكُونُ مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا.
أَجَابَ بِأَنَّ الِاشْتِرَاكَ خِلَافُ الْأَصْلِ فَيُجْعَلُ حَقِيقَةً لِأَحَدِهِمَا مَجَازًا لِلْآخَرِ.
وَالْمَجَازُ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَصْلِ، إِلَّا أَنَّهُ أَوْلَى مِنَ الِاشْتِرَاكِ كَمَا تَقَدَّمَ.
ش - احْتَجَّ الْفَارِقُ، وَهُوَ الْقَائِلُ بِالْوَقْفِ فِي الْإِخْبَارِ، دُونَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَكْلِيفِ الْمُكَلَّفِينَ لِأَجْلِ الْعَامِّ، وَلَا يَتَحَقَّقُ التَّكْلِيفُ إِلَّا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ. (فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ) مُفِيدًا لِلْعُمُومِ إِمَّا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا.
أَجَابَ بِأَنَّ الْإِجْمَاعَ أَيْضًا مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ الْإِخْبَارَ قَدْ حَصَلَ لِأَجْلِ الْعَامِّ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} [البقرة: ٢٨٢] فَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ الْإِخْبَارُ مُفِيدًا لِلْعُمُومِ إِمَّا حَقِيقَةً أَوْ مَجَازًا.
فَلَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْإِخْبَارِ وَبَيْنَ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ فَرْقٌ فِي الْعُمُومِ وَالْخُصُوصِ.
[مَسْأَلَةٌ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ لَيْسَ بِعَامٍّ]
ش - اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ - مِثْلَ رِجَالٍ - هَلْ يَكُونُ عَامًّا أَوْ لَا؟ وَالْمُخْتَارُ أَنَّهُ لَيْسَ بِعَامٍّ.
وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنْ نَقْطَعَ بِأَنَّ رِجَالًا فِي الْجُمُوعِ كَرَجُلٍ فِي الْوُحْدَانِ. فَكَمَا أَنَّ رَجُلًا فِي الْوُحْدَانِ لَا يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ آحَادِهِ، فَكَذَلِكَ رِجَالٌ فِي الْجُمُوعِ لَا يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ مَرَاتِبِ الْجَمْعِ، وَرَجُلٌ فِي الْوُحْدَانِ لَيْسَ بِعَامٍّ، فَكَذَا رِجَالٌ فِي الْجُمُوعِ.
وَأَيْضًا: نَقْطَعُ بِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَهُ عِنْدِي عَبِيدٌ صَحَّ تَفْسِيرُهُ بِأَقَلِّ الْجَمْعِ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ أَوِ الِاثْنَانِ عَلَى اخْتِلَافِ الرَّأْيَيْنِ.
فَلَوْ كَانَ الْجَمْعُ الْمُنَكَّرُ عَامًّا - لَمَا صَحَّ تَفْسِيرُ عَبِيدٍ بِأَقَلِّ الْجَمْعِ ; إِذْ لَا يَجُوزُ تَفْسِيرُ الْعَامِّ بِوَاحِدٍ مِنْ مُسَمَّيَاتِهِ.
فَلِهَذَا لَوْ قَالَ: أَكَلْتُ كُلَّ الرُّمَّانِ، ثُمَّ قَالَ: أَرَدْتُ وَاحِدَةً