للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَالْمَشْهُورُ بَيْنَ السَّادَةِ الصُّوفِيَّةِ أَنَّ التَّوْبَةَ هِيَ الرُّجُوعُ عَنِ الْمَعْصِيَةِ وَالْإِنَابَةُ عَنِ الْغَفْلَةِ (" وَبِكَ ") ، أَيْ: بِقُوَّتِكَ أَوْ بِحُجَّتِكَ أَوْ بِنُصْرَتِكَ إِيَّايَ (" خَاصَمْتُ ") ، أَيْ: أَعْدَاءَكَ (" وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ ") ، أَيْ: رَفَعْتُ أَمْرِي لِتَحْكُمَ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ يُخَالِفُنِي، وَالْمُحَاكَمَةُ رَفْعُ الْحُكْمِ إِلَى الْقَاضِي، قَالَ مِيرَكُ: قَدَّمَ مَجْمُوعَ صِلَاتِ هَذِهِ الْأَفْعَالِ عَلَيْهَا إِشْعَارًا بِالتَّخْصِيصِ وَإِفَادَةً لِلْحَصْرِ. اهـ. زَادَ أَبُو عَوَانَةَ " أَنْتَ رَبُّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ "، أَيِ: الْمَرْجِعُ فِي الدَّارَيْنِ. (" فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ ") ، أَيْ: مِنَ الذُّنُوبِ، فَإِنَّ حَسَنَاتِ الْأَبْرَارِ سَيِّئَاتُ الْمُقَرَّبِينَ (" وَمَا أَخَّرْتُ ") ، أَيْ: مِنَ التَّقْصِيرِ فِي الْعِبَادَةِ (" وَمَا أَسْرَرْتُ ") ، أَيْ: أَخْفَيْتُ، وَلَوْ مِمَّا خَطَرَ بِالْبَالِ، (" وَمَا أَعْلَنْتُ ") : مِنَ الْأَقْوَالِ وَالْأَفْعَالِ وَالْأَحْوَالِ الرِّدْيَةِ النَّاشِئَةِ مِنَ الْقُصُورِ الْبَشَرِيَّةِ.

قَالَ مِيرَكُ: فَإِنْ قُلْتَ: إِنَّهُ مَغْفُورٌ لَهُ فَمَا مَعْنَى سُؤَالِ الْمَغْفِرَةِ؟ قُلْتُ: سَأَلَهُ تَوَاضُعًا وَهَضْمًا لِنَفْسِهِ، وَإِجْلَالًا وَتَعْظِيمًا لِرَبِّهِ، وَتَعْلِيمًا لِأُمَّتِهِ، (" وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي ") : وَهَذَا تَعْمِيمٌ بَعْدَ تَخْصِيصٍ. (" أَنْتَ الْمُقَدِّمُ ") ، أَيْ: لِمَنْ تَشَاءُ (" وَأَنْتَ الْمُؤَخِّرُ ") ، أَيْ: لِمَنْ تَشَاءُ، وَقَالَ ابْنُ بَطَّالٍ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أُخِّرَ عَنْ غَيْرِهِ فِي الْبَعْثِ وَقُدِّمَ عَلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِالشَّفَاعَةِ وَغَيْرِهَا، كَقَوْلِهِ: " نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ " نَقَلَهُ مِيرَكُ. (" لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ ") : وَفِي نُسْخَةٍ (أَوْ) بَدَلَ الْوَاوِ، قَالَ مِيرَكُ: كَذَا فِي الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ " أَوْ ". اهـ. وَاقْتَصَرَ الْجَزَرِيُّ فِي الْحِصْنِ أَيْضًا عَلَى الْأَوَّلِ (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ) : قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ الْأَرْبَعَةُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>