للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِيهَا. كَذَا ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ، وَفِي كَلَامِهِ خَفَاءٌ إِذِ الْمُعَلَّقُ، وَالْمُبْرَمُ كُلٌّ مِنْهُمَا مُثْبَتٌ فِي اللَّوْحِ غَيْرُ قَابِلٍ لِلْمَحْوِ، نَعَمِ الْمُعَلَّقُ فِي الْحَقِيقَةِ مُبْرَمٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى عِلْمِهِ تَعَالَى، فَتَعْبِيرُهُ بِالْمَحْوِ إِنَّمَا هُوَ مِنَ التَّرْدِيدِ الْوَاقِعِ فِي اللَّوْحِ إِلَى تَحْقِيقِ الْأَمْرِ الْمُبْرَمِ الْمُبْهَمِ الَّذِي هُوَ مَعْلُومٌ فِي أُمِّ الْكِتَابِ، أَوْ مَحْوُ أَحَدِ الشِّقَّيْنِ الَّذِي لَيْسَ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى، فَتَأَمَّلْ فَإِنَّهُ دَقِيقٌ، وَبِالتَّحْقِيقِ حَقِيقٌ. (وَقَوْلُهُ: (بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) : مَعْنَاهُ طُولُ الْأَمَدِ مَا بَيْنَ التَّقْدِيرِ، وَالْخَلْقِ مِنَ الْمُدَدِ، أَوْ تَقْدِيرُهُ بِبُرْهَةٍ مِنَ الدَّهْرِ الَّذِي يَوْمٌ مِنْهُ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، وَهُوَ الزَّمَانُ، أَوْ مِنَ الزَّمَانِ نَفْسِهِ. فَإِنْ قُلْتَ: كَيْفَ يُحْمَلُ عَلَى الزَّمَانِ، وَلَمْ يُخْلَقِ الزَّمَانُ، وَلَا مَا يَتَحَدَّدُ بِهِ مِنَ الْأَيَّامِ، وَالشُّهُورِ، وَالسِّنِينَ؟ قُلْتُ: يُحْمَلُ الزَّمَانُ حِينَئِذٍ عَلَى مِقْدَارِ حَرَكَةِ الْفَلَكِ الْأَعْظَمِ الَّذِي هُوَ الْعَرْشُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ حِينَئِذٍ بِدَلِيلِ أَنَّهُ (قَالَ) أَيِ: النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (وَعَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ) : وَفِي الْمَصَابِيحِ: وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ يَعْنِي كَانَ عَرْشُ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ، وَالْأَرْضَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ، وَالْمَاءُ عَلَى مَتْنِ الرِّيحِ، وَالرِّيحُ عَلَى الْقُدْرَةِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْعَرْشَ، وَالْمَاءَ كَانَا مَخْلُوقَيْنِ قَبْلَ خَلْقِهِمَا، وَقِيلَ ذَلِكَ الْمَاءُ هُوَ الْقَلَمُ، وَقِيلَ: فِيهِ دَلِيلٌ لِمَنْ زَعَمَ أَنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي الْعَالَمِ الْمَاءُ، وَإِنَّمَا أَوْجَدَ سَائِرَ الْأَجْسَامِ مِنْهُ تَارَةً بِالتَّلْطِيفِ، وَتَارَةً بِالتَّكْثِيفِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: اخْتَلَفَتِ الرِّوَايَاتُ فِي أَوَّلِ الْمَخْلُوقَاتِ، وَحَاصِلُهَا كَمَا بَيَّنْتُهَا فِي شَرْحِ شَمَائِلِ التِّرْمِذِيِّ أَنَّ أَوَّلَهَا النُّورُ الَّذِي خُلِقَ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -، ثُمَّ الْمَاءُ، ثُمَّ الْعَرْشُ (رَوَاهُ مُسْلِمٌ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>