للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَعَقْلِهِ، وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ فِي الشَّرَابِ، وَقَدْ يَعْتَرِي مِنَ الْغَضَبِ وَالْعِشْقِ، وَلَوْ مِنْ حُبِّ الدُّنْيَا، وَقَدْ يَحْصُلُ مِنَ الْخَوْفِ. قَالَ تَعَالَى: {وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى} [الحج: ٢] ، أَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَجَرٍ: صَحَّ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُغْمَى عَلَيْهِ فِي مَرَضِهِ مِنْ شِدَّةِ الْمَرَضِ، فَاللَّائِقُ بِمَقَامِهِ الْعَلِيِّ، وَحَالِهِ الْجَلِيِّ أَنْ يُحْمَلَ الْإِغْمَاءُ عَلَى مَعْنَى الْغَيْبَةِ بِالشُّهُودِ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَعَلَى مَعْنَى الْغَمَاءِ الْمُتَرَتِّبِ عَلَيْهِ الْبَقَاءُ، بِنَاءً عَلَى مَا اصْطَلَحَ عَلَيْهِ السَّادَةُ الصُّوفِيَّةُ الصَّفِيَّةُ، وَالطَّائِفَةُ الْبَهِيَّةُ السُّنِّيَّةُ. قِيلَ: أَوْ لِلشَّكِّ، وَبِهِ جَزَمَ ابْنُ حَجَرٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ لِلتَّنْوِيعِ، وَيُرَادُ مِنْ مُنْكَرَاتِ الْمَوْتِ مَا يَقَعُ مِنْ تَقْصِيرٍ فِي تِلْكَ الْحَالِ مِنَ الْمَرِيضِ، أَوْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ وَخَطَرَاتِهِ وَتَزْيِينِ خَطَرَاتِهِ، وَمِنْ سَكَرَاتِ الْمَوْتِ شَدَائِدُهُ الَّتِي لَا يُطِيقُهَا الْمُحْتَضِرُ فَيَمُوتُ فَزَعًا جَزَعًا، وَالْمَطْلُوبُ أَنَّهُ لَا يَمُوتُ إِلَّا أَنَّهُ مُسْلِمٌ، وَمُسْلِمٌ مُحْسِنٌ لِلظَّنِّ بِرَبِّهِ، وَفِي هَذَا تَعْلِيمٌ مِنْهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِأُمَّتِهِ، اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا عَلَى مِلَّتِهِ. (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ) قَالَ مِيرَكُ: وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>