للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٢٠٨٣ - عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ( «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» ) . رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

ــ

(٨) بَابُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ

أَيْ فَضِيلَتُهَا: وَبَيَانُ أَرْجَى أَوْقَاتِهَا. قَالَ النَّوَوِيُّ: قَالَ الْعُلَمَاءُ: وَإِنَّمَا سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمَا يَكْتُبُ فِيهَا الْمَلَائِكَةُ مِنَ الْأَقْدَارِ وَالْأَرْزَاقِ وَالْآجَالِ الَّتِي تَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ لِقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: ٤] ، وَقَوْلِهِ - تَعَالَى -: {تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ - سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} [القدر: ٤ - ٥] وَمَعْنَاهُ يَظْهَرُ لِلْمَلَائِكَةِ مَا سَيَكُونُ فِيهَا، وَيَأْمُرُهُمْ بِفِعْلِ مَا هُوَ مِنْ وَظِيفَتِهِمْ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِمَّا سَبَقَ عِلْمُ اللَّهِ - تَعَالَى - بِهِ وَتَقْدِيرُهُ لَهُ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِهَا لِعِظَمِ قَدْرِهَا وَشَرَفِ أَمْرِهَا، وَأَجْمَعَ مَنْ يُعْتَدُّ بِهِ عَلَى وُجُودِهَا وَدَوَامِهَا إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ لِلْأَحَادِيثِ الصَّحِيحَةِ الْمَشْهُورَةِ.

قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ: اخْتَلَفُوا فِي مَحَلِّهَا فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هِيَ تَكُونُ مُنْتَقِلَةً فِي سَنَةٍ فِي لَيْلَةٍ، وَفِي سَنَةٍ أُخْرَى فِي لَيْلَةٍ أُخْرَى، وَهَذَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى الْأَوْقَاتِ الْمُخْتَلِفَةِ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ وَأَحْمَدَ وَإِسْحَاقَ وَأَبِي ثَوْرٍ، وَقَالَ غَيْرُهُمْ: إِنَّمَا تَنْتَقِلُ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ، وَقِيلَ: إِنَّهَا مُعَيَّنَةٌ لَا تَنْتَقِلُ أَبَدًا، وَعَلَى هَذَا قِيلَ: هِيَ فِي السَّنَةِ كُلِّهَا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَقِيلَ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ كُلِّهِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَجَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَقِيلَ: تَخْتَصُّ بِالْأَوْتَارِ مِنَ الْعَشْرِ اهـ. وَقِيلَ: تَخْتَصُّ بِالسَّبْعَةِ وَالْعِشْرِينَ، وَعَلَيْهِ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ.

وَقَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: ذَهَبَ أَكْثَرُ أَهْلِ الْعِلْمِ إِلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِحْدَى لَيَالِي السَّبْعِ الْأَوَاخِرِ، وَهِيَ لَيْلَةُ إِحْدَى وَعِشْرِينَ، وَثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ، وَسَبْعٍ وَعِشْرِينَ. وَقِيلَ: أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ، أَوْ لَيْلَةُ نِصْفِهِ، أَوْ لَيْلَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ. وَقِيلَ: لَيْلَةُ نِصْفِ شَعْبَانَ، وَهَلْ هِيَ خَاصَّةٌ بِهَذِهِ الْأُمَّةِ؟ فَالْأَصَحُّ نَعَمْ، ذَكَرَهُ ابْنُ حَجَرٍ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ - وَيُؤَيِّدُهُ سَبَبُ نُزُولِ سُورَةِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ حَيْثُ كَانَتْ تَسْلِيَةً لِهَذِهِ الْأُمَّةِ الْقَصِيرَةِ الْعُمْرِ. قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ: إِنَّمَا جَاءَ الْقَدْرُ بِتَسْكِينِ الدَّالِ، وَإِنْ كَانَ الشَّائِعُ فِي الْقَدْرِ الَّذِي هُوَ قَرِينُ الْقَضَاءِ فَتْحَ الدَّالِ، لِيُعْلَمَ أَنَّهُ لَمْ يُرَدْ بِذَلِكَ، فَإِنَّ الْقَضَاءَ سَبَقَ الزَّمَانَ، وَإِنَّمَا أُرِيدُ بِهِ تَفْصِيلُ مَا قَدْ جَرَى بِهِ الْقَضَاءُ وَتَبْيِينِهِ وَتَحْدِيدِهِ فِي الْمُدَّةِ الَّتِي بَعْدَهَا إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الْقَابِلِ، لِيَحْصُلَ مَا يُلْقَى إِلَيْهِمْ فِيهَا مِقْدَارًا بِمِقْدَارٍ.

الْفَصْلُ الْأَوَّلُ

٢٠٨٣ - (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: تَحَرَّوْا) أَيِ: اطْلُبُوا (لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْوِتْرِ) أَيْ فِي لَيَالِي الْوِتْرِ (مِنَ الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ) : فِي النِّهَايَةِ: أَيْ: تَعَمَّدُوا طَلَبَهَا فِيهَا، وَاجْتَهِدُوا فِيهَا. (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>