للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٥٤٣ - وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلَافٌ وَفُرْقَةٌ، قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنَ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنَ الرَّمِيَّةِ لَا يَرْجِعُونَ. حَتَّى يَرْتَدَّ السَّهْمُ عَلَى فُوقِهِ هُمْ شَرُّ الْخَلْقِ وَالْخَلِيقَةِ طُوبَى لِمَنْ قَتَلَهُمْ وَقَتَلُوهُ يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَلَيْسُوا مِنَّا فِي شَيْءٍ، مَنْ قَتَلَهُمْ كَانَ أَوْلَى بِاللَّهِ مِنْهُمْ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا سِيمَاهُمْ قَالَ التَّحْلِيقُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.

ــ

٣٥٤٣ - (وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيَكُونُ فِي أُمَّتِي اخْتِلَافٌ وَفُرْقَةٌ» ) بِضَمِّ الْفَاءِ أَيْ أَهْلُ اخْتِلَافٍ وَافْتِرَاقٍ وَقَوْلُهُ (قَوْمٌ يُحْسِنُونَ الْقِيلَ) أَيِ الْقَوْلَ يُقَالُ قُلْتُ قَوْلًا وَقَالًا وَقِيلًا قَالَ تَعَالَى {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} [النساء: ١٢٢] (وَيُسِيئُونَ الْفِعْلَ) بَدَلٌ مِنْهُ وَمُوَضِّحٌ لَهُ وَقَوْلُهُ (يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ) اسْتِئْنَافُ بَيَانٍ أَوْ بَدَلٌ عَلَى مَذْهَبِ الشَّاطِبِيِّ وَمَنْ يُجَوِّزُهُ أَوِ الْمُرَادُ بِهِ نَفْسُ الِاخْتِلَافِ أَيْ سَيَحْدُثُ فِيهِمُ اخْتِلَافٌ وَتَفَرُّقٌ فَيَفْتَرِقُونَ فِرْقَتَيْنِ فِرْقَةَ حَقٍّ وَفِرْقَةَ بَاطِلٍ قَالَ الطِّيبِيُّ: وَيُؤَيِّدُ هَذَا التَّأْوِيلَ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ: تَكُونُ أُمَّتِي فِرْقَتَيْنِ فَيَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ يَلِي قَتْلَهُمْ أَوْلَاهُمْ بِالْحَقِّ، فَقَوْمٌ مُبْتَدَأٌ مَوْصُوفٌ بِمَا بَعْدَهُ وَالْخَبَرُ قَوْلُهُ: يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ وَهُوَ بَيَانٌ لِإِحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ وَتُرِكَتِ الثَّانِيَةُ لِلظُّهُورِ اهـ، وَأَمَّا مَا وَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيَقْرَءُونَ بِوَاوِ الْعَطْفِ فَهُوَ خَطَأٌ (لَا يُجَاوِزُ) أَيْ قُرْآنُهُمْ أَوْ قِرَاءَتُهُمْ (تَرَاقِيَهُمْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَنَصْبِ الْيَاءِ عَلَى الْمَفْعُولِيَّةِ فِي النِّهَايَةِ وَهِيَ جَمْعُ التَّرْقُوَةِ وَهِيَ الْعَظْمُ الَّذِي بَيْنَ نُقْرَةِ النَّحْرِ وَالْعَاتِقِ وَهُمَا تَرْقُوَتَانِ مِنَ الْجَانِبَيْنِ وَوَزْنُهَا فَعْلُوَةٌ بِالْفَتْحِ اهـ كَلَامُهُ. وَفِي الْمُغْرِبِ يُقَالُ لَهَا بِالْفَارِسِيَّةِ جَنْبَر كُرْدُن قَالَ الطِّيبِيُّ: وَفِيهِ وُجُوهٌ أَحَدُهَا أَنَّهُ لَا يَتَجَاوَزُ أَثَرُ قِرَاءَتِهِمْ عَنْ مَخَارِجِ الْحُرُوفِ وَالْأَصْوَاتِ وَلَا يَتَعَدَّى إِلَى الْقُلُوبِ وَالْجَوَارِحِ - فَلَا يَعْتَقِدُونَ وَفْقَ مَا يَقْتَضِي اعْتِقَادًا وَلَا يَعْمَلُونَ بِمَا يُوجِبُ عَمَلًا، وَثَانِيهَا أَنَّ قِرَاءَتَهُمْ لَا يَرْفَعُهَا اللَّهُ وَلَا يَقْبَلُهَا فَكَأَنَّهَا لَمْ تَتَجَاوَزْ حُلُوقَهُمْ، وَثَالِثُهَا لِأَنَّهُمْ لَا يَعْمَلُونَ بِالْقُرْآنِ فَلَا يُثَابُونَ عَلَى قِرَاءَتِهِمْ وَلَا يَحْصُلُ لَهُمْ غَيْرُ الْقِرَاءَةِ (يَمْرُقُونَ) بِضَمِّ الرَّاءِ أَيْ يَخْرُجُونَ (مِنَ الدِّينِ) أَيْ مِنْ طَاعَةِ الْإِمَامِ (مُرُوقَ السَّهْمِ) بِالنَّصْبِ أَيْ كَمُرُوقِهِ (مِنَ الرَّمِيَّةِ) قَالَ الطِّيبِيُّ: مُرُوقُ السَّهْمِ مَصْدَرٌ أَيْ مِثْلُ مُرُوقِ السَّهْمِ، ضَرَبَ مَثَلَهُمْ فِي دُخُولِهِمْ فِي الدِّينِ وَخُرُوجِهِمْ مِنْهُ بِالسَّهْمِ الَّذِي لَا يَكَادُ يُلَاقِيهِ شَيْءٌ مِنَ الدَّمِ لِسُرْعَةِ نُفُوذِهِ تَنْبِيهًا عَلَى أَنَّهُمْ لَا يَتَمَسَّكُونَ مِنَ الدِّينِ بِشَيْءٍ وَلَا يَلْوُونَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي غَيْرِ هَذِهِ الرِّوَايَةِ بِقَوْلِهِ سَبَقَ الْفَرْثُ وَالدَّمُ (لَا يَرْجِعُونَ) أَيْ إِلَى الدِّينِ لِإِصْرَارِهِمْ عَلَى.

<<  <  ج: ص:  >  >>