للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُقَالُ حَدُّ السَّاحِرِ الْقَتْلُ فَعَدَلَ إِلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ تَصْوِيرًا لَهُ وَأَنْ لَا يُجَاوِزَ مِنْهُ إِلَى أَمْرٍ آخَرَ فِي شَرْحِ السُّنَّةِ: اخْتَلَفُوا فِي قَتْلِهِ فَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّهُ يُقْتَلُ وَرُوِيَ عَنْ حَفْصَةَ أَنَّ جَارِيَةً لَهَا سَحَرَتْهَا فَأَمَرَتْ بِهَا فَقَتَلَتْهَا وَرُوِيَ أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ كَتَبَ اقْتُلُوا كُلَّ سَاحِرٍ وَسَاحِرَةٍ. قَالَ الرَّاوِي: فَقَتَلْنَا ثَلَاثَ سَوَاحِرَ. وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يُقْتَلُ إِنْ كَانَ مَا يَسْحَرُ بِهِ كُفْرًا إِنْ لَمْ يَتُبْ فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ عَمَلُهُ الْكُفْرَ فَلَا يُقْتَلُ وَتَعْلِيمُ السِّحْرِ لَيْسَ كُفْرًا عِنْدَهُ إِلَّا أَنْ يَعْتَقِدَ قَلْبَ الْأَعْيَانِ. قَالَ الْقَاضِي: السَّاحِرُ إِذَا لَمْ يُتِمَّ سِحْرَهُ إِلَّا بِدَعْوَةِ كَوْكَبٍ أَوْ شَيْءٍ يُوجِبُ كُفْرًا يَجِبُ قَتْلُهُ لِأَنَّهُ اسْتَعَانَ فِي تَحْصِيلِهِ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى الشَّيْطَانِ مِمَّا لَا يَسْتَقِلُّ بِهِ الْإِنْسَانُ وَذَلِكَ لَا يَتَسَبَّبُ إِلَّا لِمَنْ يُنَاسِبُهُ فِي الشَّرَارَةِ وَخُبْثِ النَّفْسِ فَإِنَّ التَّنَاسُبَ شَرْطٌ فِي التَّضَامُنِ وَالتَّعَاوُنِ وَكَذَا يُمَيَّزُ السَّاحِرُ عَنِ النَّبِيِّ وَالْوَلِيِّ وَأَمَّا مَا يُتَعَجَّبُ مِنْهُ كَمَا يَفْعَلُهُ أَصْحَابُ الْحِيَلِ بِمَعُونَةِ الْآلَاتِ وَالْأَدْوِيَةِ أَوْ يُرِيهِ صَاحِبُ خِفَّةِ الْيَدِ فَغَيْرُ حَرَامٍ وَتَسْمِيَتُهُ سِحْرًا عَلَى التَّجَوُّزِ لِمَا فِيهِ مِنَ الدِّقَّةِ لِأَنَّهُ فِي الْأَصْلِ لِمَا خَفِيَ سَبَبُهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ: يَحْرُمُ فِعْلُ السِّحْرِ بِالْإِجْمَاعِ وَأَمَّا تَعْلِيمُهُ وَتَعَلُّمُهُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ الصَّحِيحُ الَّذِي قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُمَا حَرَامَانِ وَالثَّانِي مَكْرُوهَانِ وَالثَّالِثُ مُبَاحَانِ وَقَالَ أَيْضًا اعْلَمْ أَنَّ التَّكَهُّنَ وَإِتْيَانَ الْكِهَانَةِ وَالتَّنْجِيمَ وَالضَّرْبَ بِالرَّمْلِ وَالشَّعِيرِ وَبِالْحَصَى وَتَعْلِيمَهَا حَرَامٌ وَأَخْذَ الْعِوَضِ عَلَيْهَا حَرَامٌ بِالنَّصِّ الصَّحِيحِ فِي حُلْوَانِ الْكَاهِنِ وَاعْلَمْ أَنَّ وَرَاءَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ عُلُومًا مِنْهَا مُحَرَّمٌ وَمَكْرُوهٌ وَمُبَاحٌ فَالْمُحَرَّمُ كَالْفَلْسَفَةِ وَالشَّعْبَذَةِ وَالرَّمْلِ وَعُلُومِ الطَّبِيعِيِّينَ وَكَذَا السِّحْرُ عَلَى الصَّحِيحِ وَتَتَفَاوَتُ دَرَجَاتُ تَحْرِيمِهِ، وَالْمُكْرُوهُ كَأَشْعَارِ الْمُوَلِّدِينَ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الْغَزَلِ وَالْبِطَالَةِ، وَالْمُبَاحُ كَأَشْعَارِهِمُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا سُخْفٌ وَلَا مَا يُنَشِّطُ إِلَى الشَّرِّ وَيُثَبِّطُ مِنَ الْخَيْرِ. فِي تَفْسِيرِ الْمَدَارِكِ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو مَنْصُورٍ: الْقَوْلُ بِأَنَّ السِّحْرَ كُفْرٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ خَطَأٌ بَلْ يَجِبُ الْبَحْثُ عَنْ حَقِيقَتِهِ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ رَدَّ مَا لَزِمَ فِي شَرْطِ الْإِيمَانِ فَهُوَ كُفْرٌ وَإِلَّا فَلَا، ثُمَّ السِّحْرُ الَّذِي هُوَ كُفْرٌ يُقْتَلُ عَلَيْهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَمَا لَيْسَ بِكُفْرٍ وَفِيهِ إِهْلَاكُ النَّفْسِ فَفِيهِ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَيَسْتَوِي فِيهِ الذُّكُورُ وَالْإِنَاثُ وَتُقْبَلُ تَوْبَتُهُ إِذَا تَابَ وَمَنْ قَالَ لَا تُقْبَلُ فَقَدْ غَلَطَ فَإِنَّ سَحَرَةَ فِرْعَوْنَ قُبِلَتْ تَوْبَتُهُمْ (رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ) وَكَذَا الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>