للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

وَلَا بِالنَّصْرَانِيَّةِ) : أَيْ: بِالْمِلَّةِ الَّتِي فِيهَا أُمُورٌ شَاقَّةٌ مِنَ الرَّهْبَانِيَّةِ، وَنَتِيجَتُهَا قَاصِرَةٌ عَلَى سُلَّاكِ تِلْكَ الطَّرِيقَةِ (وَلَكِنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ) : أَيِ: الْمِلَّةِ الْمَائِلَةِ عَنِ السُّبُلِ الزَّائِغَةِ إِلَى طَرِيقِ التَّوْحِيدِ وَسَبِيلِ الِاسْتِقَامَةِ (السَّمْحَةِ) : أَيِ: السَّهْلَةِ لَيْسَ فِيهَا حَرَجٌ وَمَشَقَّةٌ زَائِدَةٌ، وَمَنْفَعَتُهَا إِلَى الْغَيْرِ مُتَعَدِّيَةٌ، كَالْجِهَادِ وَالْجُمُعَةِ وَالْجَمَاعَةِ وَعِيَادَةِ الْمَرِيضِ وَتَشْيِيعِ الْجِنَازَةِ وَتَعَلُّمٍ وَتَعْلِيمٍ وَتَحْصِيلِ كَمَالٍ، ثُمَّ تَكْمِيلٍ، فَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَالْأَوْلِيَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ.

قَالَ الطِّيبِيُّ: لَكِنْ يَقْتَضِي مُخَالَفَةَ مَا بَعْدَهَا لِمَا قَبْلَهَا، كَمَا هُوَ مُقَرَّرٌ ; أَيْ: مَا بُعِثْتُ بِالرَّهْبَانِيَّةِ الشَّاقَّةِ، بَلْ بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ، فَوَضَعَ قَوْلَهُ بِالْيَهُودِيَّةِ وَلَا بِالنَّصْرَانِيَّةِ مَوْضِعَ الرَّهْبَانِيَّةِ الشَّاقَّةِ (وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ) : أَيْ: بِتَصَرُّفِهِ فَضْلًا عَنْ سَائِرِ النُّفُوسِ (لَغَدْوَةٌ، أَوْ رَوْحَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) : أَيِ: الْجِهَادُ، أَوِ الْحَجُّ، أَوِ الْعِلْمُ، أَوْ غَيْرُهُمَا مِنْ طُرُقِ الطَّاعَةِ وَالْعِبَادَةِ، وَأَوْ لِلتَّنْوِيعِ وَالْغَدْوَةُ مَرَّةٌ مِنْ ذَهَابِ أَوَّلِ النَّهَارِ، وَالرَّوْحَةُ مِنْ آخِرِ النَّهَارِ، أَوْ أَوَّلُ اللَّيْلِ، وَلَعَلَّ التَّقْيِيدَ بِاعْتِبَارِ الْغَالِبِ الْعَادِيِّ (خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا) : قَالَ النَّوَوِيُّ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْغَدْوَةَ وَالرَّوْحَةُ غَيْرُ مُخْتَصَّتَيْنِ بِالْغُدُوِّ وَالرَّوَاحِ، بَلْ كُلُّ لَمْحَةٍ وَسَاعَةٍ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ لَهُ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا لَوْ مَلَكَهَا وَتَصَوَّرَ تَنَعُّمَهُ فِيهَا ; لِأَنَّهُ زَائِلٌ وَنَعِيمُ الْآخِرَةِ بَاقٍ. وَقِيلَ: لَوْ مَلَكَهَا وَأَنْفَقَهَا فِي أُمُورِ الْآخِرَةِ (وَلَمَقَامُ أَحَدِكُمْ) : بِفَتْحِ الْمِيمِ ; أَيْ لَوُقُوفُهُ وَثَبَاتُهُ (فِي الصَّفِّ) : أَيْ: صَفِّ الْقِتَالِ، أَوْ صَفِّ الْجَمَاعَةِ (خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِهِ) : أَيْ: عَلَى انْفِرَادِهِ (سِتِّينَ سَنَةً) : أَرَادَ بِهِ التَّكْثِيرَ، فَلَا يُنَافِي مَا وَرَدَ مِنْ رِوَايَةِ سَبْعِينَ. (رَوَاهُ أَحْمَدُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>