للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٤٢٢٩ - وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( «وَدِدْتُ أَنَّ عِنْدِي خُبْزَةً بَيْضَاءَ سَمْرَاءَ مُلَبَّقَةً بِسَمْنٍ وَلَبَنٍ " فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَاتَّخَذَهُ، فَجَاءَ بِهِ، فَقَالَ: " فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ هَذَا؟ " قَالَ: فِي عُكَّةِ ضَبٍّ. قَالَ: " ارْفَعْهُ» . رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.

ــ

٤٢٢٩ - (وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَدِدْتُ) : بِكَسْرِ الدَّالِ وَفِي نُسْخَةٍ بِفَتْحِهَا فَفِي الْقَامُوسِ: الْوُدُّ وَالْوِدَادُ الْحُبُّ وَيُثَلَّثَانِ وَوَدِدْتُهُ أَوَدُّهُ فِيهِمَا اهـ. وَلَا يَخْفَى أَنَّ فَتْحَ الْعَيْنِ فِيهِمَا شَاذٌّ لِعَدَمِ وُجُودِ الشَّرْطِ، وَلَعَلَّهُ يُغْتَفَرُ فِي الْمُدْغَمِ، وَالْمَعْنَى أَحْبَبْتُ وَتَمَنَّيْتُ (أَنَّ عِنْدِي خُبْزَةً بَيْضَاءَ مِنْ بُرَّةٍ سَمْرَاءَ) : أَيْ حِنْطَةٍ فِيهَا سَوَادٌ خَفِيٌّ فَهِيَ وَصْفٌ لِبُرَّةٍ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا أَنْ تَكُونَ مُقْمِرَةً، فَإِنَّهُ أَبْلَغُ فِي اللَّذَّةِ، وَلِئَلَّا يَحْصُلَ التَّنَاقُضُ بَيْنَ الْبَيْضَاءِ وَالسَّمْرَاءِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَاخْتَارَ بَعْضُ الشُّرَّاحِ أَنَّ السَّمْرَاءَ هِيَ الْحِنْطَةُ فَهِيَ بَدَلٌ مِنْ بُرَّةٍ. قَالَ الْقَاضِي: السَّمْرَاءُ مِنَ الصِّفَاتِ الْغَالِبَةِ غَلَبَتْ عَلَى الْحِنْطَةِ فَاسْتَعْمَلَهَا هُنَا عَلَى الْأَصْلِ، وَقِيلَ هِيَ نَوْعٌ مِنَ الْحِنْطَةِ فِيهَا سَوَادٌ خَفِيٌّ، وَلَعَلَّهُ أَحْمَدُ الْأَنْوَاعِ عِنْدَهُمْ، وَفِي الْقَامُوسِ: السُّمْرَةُ بِالضَّمِّ مَنْزِلَةٌ بَيْنَ الْبَيَاضِ وَالسَّوَادِ فِيمَا يَقْبَلُ ذَلِكَ، وَالْأَسْمَرُ لَبَنُ الظَّبْيَةِ، وَالْأَسْمَرَانِ الْمَاءُ وَالْبُرُّ وَالسَّمْرَاءُ الْحِنْطَةُ وَالْخُشْكَارُ.

(مُلَبَّقَةً) : بِتَشْدِيدِ الْمُوَحِّدَةِ الْمَفْتُوحَةِ أَيْ مَبْلُولَةً مَخْلُوطَةً خَلْطًا شَدِيدًا (بِسَمْنٍ وَعَسَلٍ) : وَهِيَ مَنْصُوبَةٌ عَلَى أَنَّهَا صِفَةُ خُبْزَةٍ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَفِي نُسْخَةٍ بِجَرِّهَا عَلَى أَنَّهَا صِفَةُ بُرَّةٍ، وَكَأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْ جَرِّ الْجِوَارِ (فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَاتَّخَذَهُ) : أَيْ صَنَعَ مَا ذَكَرَ (فَجَاءَ بِهِ، فَقَالَ) : أَيِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (فِي أَيِّ شَيْءٍ كَانَ هَذَا؟) أَنَّ سَمْنَهُ، وَلَعَلَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَجَدَ فِيهِ رَائِحَةً كَرِيهَةً. (قَالَ: فِي عُكَّةِ ضَبٍّ) . الْعُكَّةُ بِالضَّمِّ آنِيَةُ السَّمْنِ، وَقِيلَ وَعِاءٌ مُسْتَدِيرٌ لِلسَّمْنِ وَالْعَسَلِ، وَقِيلَ: الْعُكَّةُ الْقِرْبَةُ الصَّغِيرَةُ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ كَانَ فِي وِعَاءٍ مَأْخُوذٍ مَنْ جِلْدِ ضَبٍّ (قَالَ: ارْفَعْهُ) . قَالَ الطِّيبِيُّ: وَإِنَّمَا أَمَرَ بِرَفْعِهِ لِتَنَفُّرِ طَبْعِهِ عَنِ الضَّبِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بِأَرْضِ قَوْمِهِ، كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ حَدِيثُ خَالِدٍ، لَا لِنَجَاسَةِ جِلْدِهِ، وَإِلَّا لَأَمَرَهُ بِطَرْحِهِ وَنَهَاهُ عَنْ تَنَاوُلِهِ. (رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ مَاجَهْ. وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ) .

الْمُنْكَرُ - فِي اصْطِلَاحِ أَرْبَابِ الْأُصُولِ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ - حَدِيثُ مَنْ فَحُشَ غَلَطُهُ، أَوْ كَثُرَتْ غَفْلَتُهُ، أَوْ ظَهَرَ فِسْقُهُ عَلَى مَا فِي شَرْحِ النُّخْبَةِ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مُخَالِفٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ شِيمَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَيْفَ وَقَدْ أُخْرِجَ مَخْرَجَ التَّمَنِّي، وَمِنْ ثَمَّ صَرَّحَ أَبُو دَاوُدَ بِكَوْنِهِ مُنْكَرًا. قُلْتُ: وَفِيهِ أَنَّهُ لَوْ صَحَّ مِنْ جِهَةِ الْإِسْنَادِ لَأَمْكَنَ تَوْجِيهُهُ بِأَنَّهُ فَعَلَهُ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، ثُمَّ فِيهِ إِيمَاءٌ لِطَيْفٌ إِلَى صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى مَعَ أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ فِي تَعْسِيرِ حُصُولِ شَهَوَاتِهِمْ، وَتَكْدِيرِ وَصُولِ مُتَمَنِّيَاتِهِمْ، عَلَى مَا حُكِيَ أَنَّ مَلَكَيْنِ تَلَاقَيَا أَحَدُهُمَا نَازِلٌ وَالْآخَرُ طَالِعٌ، فَتَسَاءَلَا عَنْ حَالَيْهِمَا فَقَالَ أَحَدُهُمَا: اشْتَهَى يَهُودِيٌّ سَمَكًا طَرِيًّا فَأُمِرْتُ بِتَحْصِيلِهِ لَهُ، وَقَالَ الْآخَرُ: مُسْلِمٌ صَالِحٌ تَمَنَّى لَبَنًا أَوْ عَسَلًا وَقَدِ اشْتَرَاهُ، وَأُمِرْتُ أَنْ أَصُبَّهُ وَأَحْرِمَهُ مِنْهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>