للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِالْيَدِ ; لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ وَالْمُدَافَعَةَ إِنَّمَا تَكُونُ بِالْيَدِ، وَثَنَّى مُبَالَغَةً، كَأَنَّ يَدَيْهِ مَعْدُومَتَانِ لِعَجْزِهِ عَنْ دَفْعِهِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ فِي التَّثْنِيَةِ إِيمَاءٌ إِلَى الْعَجْزِ عَنْهُمَا جَمِيعًا، (فَحَرِّزْ عِبَادِي ") أَيْ: مِنَ التَّحْرِيزِ، مَأْخُوذٌ مِنَ الْحِرْزِ، أَيِ: احْفَظْهُمْ وَضُمَّهُمْ (" إِلَى الطُّورِ ") ، وَاجْعَلْهُ لَهُمْ حِرْزًا، (وَيَبْعَثُ اللَّهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ) : بِالْأَلِفِ وَيُبْدَلُ فِيهِمَا (وَهُمْ) أَيْ: جَمِيعُ الْقَبِيلَتَيْنِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا} [الحج: ١٩] ، {مِنْ كُلِّ حَدَبٍ} [الأنبياء: ٩٦] : بِفَتْحَتَيْنِ أَيْ: مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ مِنَ الْأَرْضِ، {يَنْسِلُونَ} [الأنبياء: ٩٦] بِفَتْحِ الْيَاءِ وَكَسْرِ السِّينِ أَيْ: يُسْرِعُونَ. (" فَيَمُرُّ أَوَائِلُهُمْ عَلَى بُحَيْرَةِ طَبَرِيَّةَ ") بِالْإِضَافَةِ، وَبُحَيْرَةٌ تَصْغِيرُ بَحْرَةٍ، وَهِيَ مَاءٌ مُجْتَمِعٌ بِالشَّامِ طُولُهُ عَشْرَةُ أَمْيَالٍ، وَطَبَرِيَّةُ بِفَتْحَتَيْنِ اسْمُ مَوْضِعٍ. وَقَالَ شَارِحٌ: هِيَ قَصَبَةُ الْأُرْدُنِّ بِالشَّامِ، (" فَيَشْرَبُونَ مَا فِيهَا ") أَيْ: مِنَ الْمَاءِ، (" وَيَمُرُّ آخِرُهُمْ فَيَقُولُ ") أَيْ: آخِرُهُمْ أَوْ قَائِلٌ مِنْهُمْ (" لَقَدْ كَانَ بِهَذِهِ ") أَيِ: الْبُحَيْرَةِ أَوِ الْبُقْعَةِ (" مَرَّةً ") أَيْ: وَقْتًا (" مَاءٌ ") ، أَيْ: مَاءٌ كَثِيرٌ، (" ثُمَّ يَسِيرُونَ حَتَّى يَنْتَهُوا إِلَى جَبَلِ الْخَمَرِ ") : بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالْمِيمِ وَبِالرَّاءِ الشَّجَرُ الْمُلْتَفُّ، وَفَسَّرَ الْحَدِيثَ بِقَوْلِهِ: (وَهُوَ جَبَلُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ") ; لِكَثْرَةِ شَجَرِهِ، أَوْ هُوَ كُلُّ مَا سَتَرَكَ مِنْ شَجَرٍ أَوْ بِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ، كَذَا فِي النِّهَايَةِ. (" فَيَقُولُونَ لَقَدْ قَتَلْنَا مَنْ فِي الْأَرْضِ ") ، أَيْ: مَنْ ظَهَرَ عَلَى وَجْهِهَا ; لِمَا سَيَأْتِي مِنِ اسْتِثْنَاءِ عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَأَصْحَابِهِ ; حَيْثُ كَانُوا مَحْصُورِينَ مَحْصُونِينَ (" هَلُمَّ ") أَيْ: تَعَالَ، الْخِطَابُ لِأَمِيرِهِمْ وَكَبِيرِهِمْ، أَوْ عَامٌّ غَيْرُ مَخْصُوصٍ بِأَحَدِهِمْ، وَفِي النِّهَايَةِ: فِيهِ لُغَتَانِ، فَأَهْلُ الْحِجَازِ يُطْلِقُونَهُ عَلَى الْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ وَالْجَمْعِ وَالْمُؤَنَّثِ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ مَبْنِيٍّ عَلَى الْفَتْحِ، وَبَنُو تَمِيمٍ تُثَنِّي وَتَجْمَعُ وَتُؤَنِّثُ تَقُولُ: هَلُمَّ وَهَلُمِّي وَهَلُمَّا وَهَلُمُّوا. (" فَلْنَقْتُلْ مَنْ فِي السَّمَاءِ فَيَرْمُونَ بِنُشَّابِهِمْ ") : بِضَمٍّ فَتَشْدِيدٍ مُفْرَدُهُ نُشَّابَةٌ وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ أَيْ: سِهَامَهُمْ (إِلَى السَّمَاءِ ") أَيْ: إِلَى جِهَتِهَا، (" فَرَدَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ نُشَّابَهُمْ مَخْضُوبَةً ") أَيْ: مَصْبُوغَةً (" دَمًا ") : تَمْيِيزٌ، وَهَذَا مَكْرٌ وَاسْتِدْرَاجٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ، مَعَ احْتِمَالِ إِصَابَةِ سِهَامِهِمْ لِبَعْضِ الطُّيُورِ فِي السَّمَاءِ ; فَيَكُونُ فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى إِحَاطَةِ فَسَادِهِمْ بِالسُّفْلِيَّاتِ وَالْعُلْوِيَّاتِ، (" وَيُحْصَرُ) : بِصِيغَةِ الْمَفْعُولِ أَيْ: يُحْبَسُ فِي جَبَلِ الطُّورِ (نَبِيُّ اللَّهِ ") أَيْ: عِيسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - (" وَأَصْحَابُهُ) أَيْ: مِنْ مُؤْمِنِي هَذِهِ الْأُمَّةِ، (" حَتَّى يَكُونَ) أَيْ: يَصِيرَ مِنْ شِدَّةِ الْمُحَاصَرَةِ وَالْمُضَايَقَةِ (" رَأْسُ الثَّوْرِ ") أَيِ: الْبَقَرِ مَعَ كَمَالِ رُخْصِهِ فِي تِلْكَ الدِّيَارِ (" لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ ") ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: أَيْ تَبْلُغُ بِهِمُ الْفَاقَةُ إِلَى هَذَا الْحَدِّ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ رَأْسَ الثَّوْرِ لِيُقَاسَ الْبَقِيَّةُ عَلَيْهِ فِي الْقِيمَةِ، (" فَيَرْغَبُ ") أَيْ: إِلَى اللَّهِ أَوْ يَدْعُو (" نَبِيُّ اللَّهِ ") : فِيهِ تَنْبِيهٌ نَبِيهٌ عَلَى أَنَّهُ مَعَ مُتَابَعَتِهِ شَرِيعَةَ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاقٍ عَلَى نُبُوَّتِهِ (" عِيسَى وَأَصْحَابُهُ ") ، قَالَ الْقَاضِي: أَيْ يَرْغَبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى فِي إِهْلَاكِهِمْ وَإِنْجَائِهِمْ عَنْ مُكَابَدَةِ بَلَائِهِمْ، وَيَتَضَرَّعُونَ إِلَيْهِ ; فَيَسْتَجِيبُ اللَّهُ فَيُهْلِكُهُمْ بِالنَّغَفِ كَمَا قَالَ: (" فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ") أَيْ: عَلَى يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ (النَّغَفَ) : بِفَتْحِ النُّونِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ دُودٌ يَكُونُ فِي أُنُوفِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ، (" فِي رِقَابِهِمْ فَيُصْبِحُونَ فَرْسَى) : كَهَلْكَى وَزْنًا وَمَعْنًى، وَهُوَ جَمْعُ فَرِيسٍ كَقَتِيلٍ وَقَتْلَى، مِنْ فَرَسَ الذِّئْبُ الشَّاةَ إِذَا كَسَرَهَا وَقَتَلَهَا، وَمِنْهُ فَرِيسَةُ الْأَسَدِ، (" كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ") ; لِكَمَالِ الْقُدْرَةِ وَتَعَلُّقِ الْمَشِيئَةِ. قَالَ تَعَالَى: {مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ} [لقمان: ٢٨] ، قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ: يُرِيدُ أَنَّ الْقَهْرَ الْإِلَهِيَّ الْغَالِبَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ يَفْرِسُهُمْ دَفْعَةً وَاحِدَةً، فَيُصْبِحُونَ قَتْلَى، وَقَدْ نَبَّهَ بِالْكَلِمَتَيْنِ أَعَنِي النَّغَفَ وَفَرْسَى عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ يُهْلِكُهُمْ فِي أَدْنَى سَاعَةٍ بِأَهْوَنِ شَيْءٍ، وَهُوَ النَّغَفُ فَيَفْرِسُهُمْ فَرْسَ السَّبُعِ فَرِيسَتَهُ بَعْدَ أَنْ طَارَتْ نَفْرَةُ الْبَغْيِ فِي رُءُوسِهِمْ، فَزَعَمُوا أَنَّهُمْ قَتَلُوا مَنْ فِي السَّمَاءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>