للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٦٢١٤ - وَعَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو «أَنَّ أَبَا سَلْمَانَ أَتَى عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ وَبِلَالٍ فِي نَفَرٍ فَقَالُوا: مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ مَأْخَذَهَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ وَسَيِّدِهِمْ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ فَأَتَاهُمْ فَقَالَ يَا إِخْوَتَاهْ أَغْضَبْتُكُمْ قَالُوا: لَا، يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ يَا أَخِي» . رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

ــ

٦٢١٤ - (وَعَنْ عَائِذِ بْنِ عَمْرٍو: بِالْوَاوِ وَهُوَ اسْمُ فَاعِلٍ مِنَ الْعَوْذِ بِمَعْنَى اللَّوْذِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُوَ مَدَنِيٌّ مِنْ أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ، سَكَنَ الْبَصْرَةَ، وَحَدِيثُهُ فِي الْبَصْرِيِّينَ، رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ. (أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ) ، أَيِ: ابْنَ حَرْبٍ (أَتَى) ، أَيْ: مَرَّ (عَلَى سَلْمَانَ وَصُهَيْبٍ) : بِالتَّصْغِيرِ (وَبِلَالٍ فِي نَفَرٍ) ، أَيْ: وَعَلَى بِلَالٍ مَعَ جَمْعٍ، قَالَ النَّوَوِيُّ: هَذَا الْإِتْيَانُ كَانَ لِأَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ كَافِرٌ فِي الْهُدْنَةِ بَعْدَ صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ (فَقَالُوا) ، أَيْ: سَلْمَانُ وَأَصْحَابُهُ (مَا أَخَذَتْ سُيُوفُ اللَّهِ مِنْ عُنُقِ عَدُوِّ اللَّهِ) : يَعْنُونَ أَبَا سُفْيَانَ (مَأْخَذَهَا) ، بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ: حَقَّهَا وَفِي نُسْخَةٍ صَحِيحَةٍ وَهِيَ أَصْلُ السَّيِّدِ مَآخِذَهَا بِهَمْزَةٍ مَمْدُودَةٍ وَكَسْرِ خَاءٍ عَلَى أَنَّهُ جَمْعٌ رُوعِيَ فِيهِ مُقَابَلَةُ الْجَمْعِ لِسُيُوفٍ. قَالَ الطِّيبِيُّ: " مَا " نَافِيَةٌ، وَأَمَّا مَأْخَذُهَا فَقِيلَ مَفْعُولٌ بِهِ، وَقِيلَ مَفْعُولٌ فِيهِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَصْدَرًا وَالْكَلَامُ إِخْبَارٌ فِيهِ مَعْنَى الِاسْتِفْهَامِ الْمُتَضَمِّنِ لِلِاسْتِبْطَاءِ يَعْنِي: لَمْ تَسْتَوْفِ السُّيُوفُ حَقَّهَا مِنْ حَقِّهِ، وَاسْتَعَارَ الْأَخْذَ لِلسَّيْفِ تَشْبِيهًا لَهُ. بِمَنْ لَهُ حَقٌّ عَلَى صَاحِبِهِ وَهُوَ يَلْزَمُهُ وَيُطَالِبُهُ، وَالْغَرِيمُ يَمْتَنِعُ عَنْ إِيفَاءِ حَقِّهِ وَيُمَاطِلُهُ (فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ) ، أَيْ: لَهُمْ (أَتَقُولُونَ هَذَا لِشَيْخِ قُرَيْشٍ) ، أَيْ: لِكَبِيرِهِمْ (وَسَيِّدِهِمْ) ؟ أَيْ: رَئِيسِهِمْ (فَأَتَى) ، أَيْ: أَبُو بَكْرٍ (النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرَهُ) ، أَيْ: بِخَبَرِهِمْ وَخَبَرِهِ (قَالَ: يَا أَبَا بَكْرٍ لَعَلَّكَ أَغْضَبْتَهُمْ ") ، لَعَلَّ هَا هُنَا لِلْإِشْفَاقِ نَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ} [الشعراء: ٣] وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَعَلِّي " لَا أَعِيشُ بَعْدَ عَامِي هَذَا ". (" لَئِنْ كُنْتَ أَغْضَبْتَهُمْ ") : حَيْثُ إِنَّهُمْ مُؤْمِنُونَ مُحِبُّونَ مَحْبُوبُونَ لِلَّهِ تَعَالَى: (" لَقَدْ أَغْضَبْتَ رَبَّكَ ") . أَيْ: حَيْثُ رَاعَيْتَ جَانِبَ الْكَافِرِ بِرَبِّهِ (فَأَتَاهُمْ) ، أَيْ: أَبُو بَكْرٍ (قَالَ: يَا إِخْوَتَاهْ) : بِالْهَاءِ السَّاكِنَةِ (أَغْضَبْتَكُمْ) . أَيْ؟ فَاعْفُوَا عَنِّي، وَالْأَظْهَرُ أَنَّ الِاسْتِفْهَامَ مُقَدَّرٌ أَيْ: أَأَغْضَبْتُكُمْ؟ (قَالُوا: لَا) ، أَيْ: لَا حَرَجَ عَلَيْكَ أَوْ لَا غَضَبَ لَنَا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْكَ (يَغْفِرُ اللَّهُ لَكَ) : جُمْلَةٌ دِعَائِيَّةٌ. قَالَ الطِّيبِيُّ: يَجِبُ أَنْ يُوقَفَ عَلَى " لَا " وَلَوْ زَادُوا كَمَا فِي جَوَابِ الزَّيْدِيِّ عَنْ سُؤَالِ الْمَأْمُونِ: لَا وَجَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ لِحُسْنِ مَوْقِعِهِ، وَقَوْلُهُ (يَا أَخِي) : الظَّاهِرُ أَنْ يُقَالَ: يَا أَخَانَا، وَلَعَلَّهُ حِكَايَةُ قَوْلِ كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٍ. قَالَ النَّوَوِيُّ: ضَبَطُوهُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ عَلَى التَّصْغِيرِ وَهُوَ تَصْغِيرُ تَحْبِيبٍ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ بِفَتْحِهَا. اهـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>