للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٥٥٩ - وَعَنْ أُمُّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ: «إِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهْرَاقُ الدَّمَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَفْتَتْ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقَالَ: لِتَنْظُرْ عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ الَّتِي كَانَتْ تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا، فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ مِنَ الشَّهْرِ، فَإِذَا خَلَّفَتْ ذَلِكَ فَلْتَغْتَسِلْ، ثُمَّ لْتَسْتَثْفِرْ بِثَوْبٍ» ، رَوَاهُ مَالِكٌ وَأَبُو دَاوُدَ. وَرَوَى النَّسَائِيُّ مَعْنَاهُ.

ــ

٥٥٩ - (وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: إِنَّ امْرَأَةً كَانَتْ تُهْرَاقُ) : بِضَمِّ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الْهَاءِ وَتُسَكَّنُ أَيْ: تَصُبُّ، وَفِيهِ ضَمِيرُ الْمَرْأَةِ، وَنَصْبُ قَوْلِهِ: (الدَّمَ) : كَنَصْبِ الْوَجْهِ فِي الْحَسَنِ الْوَجْهَ تَشْبِيهًا بِالْمَفْعُولِ، أَوْ عَلَى التَّمْيِيزِ، وَإِنْ كَانَ مَعْرِفَةً عَلَى تَقْدِيرِ زِيَادَةِ اللَّامِ، أَوْ عَلَى مَذْهَبِ الْكُوفِيِّ أَوْ بِتَقْدِيرِ - تُهْرِيقُ الدَّمَ - جَوَابًا لِمَا لَوْ قِيلَ: مِمَّا تُهْرِيقُ، فَيَكُونُ مَنْصُوبًا عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ، أَوْ بِأَنْ يَكُونَ تُهْرَاقُ فِي الْأَصْلِ تُهْرِيقُ عَلَى الْمَعْلُومِ أُبْدِلَتْ كَسْرَةِ الرَّاءِ فَتْحَةً، وَانْقَلَبَتِ الْيَاءُ أَلِفًا عَلَى لُغَةِ مَنْ قَالَ فِي نَاصِيَةٍ نَاصَاةٌ. قَالَ أَبُو مُوسَى: هَكَذَا جَاءَ عَلَى بِنَاءِ الْمَفْعُولِ، وَلَمْ يَجِئْ عَلَى بِنَاءِ الْفَاعِلِ. قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: أَيْ: صُيِّرَتْ ذَاتَ هِرَاقَةِ الدَّمِ، قِيلَ: وَيَجُوزُ رَفْعُهُ عَلَى الْبَدَلِ مِنْ ضَمِيرِ تُهْرَاقُ أَيْ: يُصَبُّ دَمُهَا، وَاللَّامُ بَدَلٌ مِنَ الْإِضَافَةِ، وَالْمَعْنَى: صَارَتْ مُسْتَحَاضَةً (عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ) : أَيْ فِي زَمَنِهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) : وَكَانَتْ مُعْتَادَةً (فَاسْتَفْتَتْ لَهَا) : أَيْ: سَأَلَتْ لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ (أُمُّ سَلَمَةَ) : مِنَ الْأَزْوَاجِ الطَّاهِرَاتِ (النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " لِتَنْظُرْ ") : أَيْ: لِتَتَفَكَّرْ وَتَعْرِفْ (عَدَدَ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ) : نُصِبَ عَدَدَ عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ (الَّتِي كَانَتْ) صِفَةُ اللَّيَالِي وَالْأَيَّامِ (تَحِيضَهُنَّ) : مِنْ بَابِ إِجْرَاءِ الْمَفْعُولِ فِيهِ مَجْرَى الْمَفْعُولِ بِهِ أَيْ: تَحِيضُ فِيهِنَّ (مِنَ الشَّهْرِ) : بَيَانٌ لَهُنَّ، أَوْ لِلْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي (قَبْلَ أَنْ يُصِيبَهَا الَّذِي أَصَابَهَا) : أَيْ: قَبْلَ إِصَابَةِ الِاسْتِحَاضَةِ (فَلْتَتْرُكِ الصَّلَاةَ قَدْرَ ذَلِكَ) : أَيْ: قَدْرَ عَادَةِ حَيْضِهَا (مِنَ الشَّهْرِ) : أَيْ: مِنْ شَهْرِ الِاسْتِحَاضَةِ (فَإِذَا خَلَّفَتْ) : بِالتَّشْدِيدِ (ذَلِكَ) : أَيْ: إِذَا جَاوَزَتْ قَدْرَ حَيْضِهَا، وَدَخَلَتْ فِي أَيَّامِ الِاسْتِحَاضَةِ (فَلْتَغْتَسِلْ) : أَيْ: غُسَلَ انْقِطَاعِ الْحَيْضِ، وَاللَّامُ بَعْدَ الْفَاءِ سَاكِنَةٌ مِنْ جَمِيعِ النُّسَخِ الْحَاضِرَةِ. وَقَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَفِي لَامِ الْأَمْرِ بَعْدَ فَاءٍ كَمَا هُنَا الْإِسْكَانُ وَالْكَسْرُ، وَكَذَا الْفَتْحُ لَكِنَّهُ غَرِيبٌ (ثُمَّ لِتَسْتَثْفِرْ) : بِكَسْرِ اللَّامِ (بِثَوْبٍ) : الِاسْتِثْفَارُ: أَنْ تَشُدَّ فَرْجَهَا وَدُبُرَهَا بِثَوْبٍ مَشْدُودٍ أَحَدُ طَرَفَيْهِ مِنْ خَلْفِ دُبُرِهَا فِي وَسَطِهَا وَالْآخَرُ مِنْ قُبُلِهَا أَيْضًا كَذَلِكَ. وَقَالَ الطِّيبِيُّ: هُوَ أَنْ تَشُدَّ الْمَرْأَةُ ثَوْبًا تَحْتَجِزُ بِهِ عَنْ مَوْضِعِ الدَّمِ لِيَمْنَعَ السَّيَلَانَ، وَمِنْهُ ثَفْرُ الدَّابَّةِ وَهُوَ مَا يُشَدُّ تَحْتَ ذَنَبِهَا، فَالْمَرْأَةُ إِذَا صَلَّتْ تُعَالِجُ نَفْسَهَا عَلَى قَدْرِ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ جَاءَ الدَّمُ بَعْدَ ذَلِكَ تَصِحُّ صَلَاتُهَا وَلَا إِعَادَةَ عَلَيْهَا، وَكَذَا حُكْمُ سَلَسِ الْبَوْلِ، وَيَجُوزُ لِلْمُسْتَحَاضَةِ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ وَالطَّوَافُ، وَقَالَ ابْنُ الْمَلَكِ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُسْتَحَاضَةَ يَجِبُ عَلَيْهَا أَنْ تَسْتَثْفِرَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ إِذْ ظَاهِرُهُ الِاسْتِحْبَابُ احْتِيَاطًا (ثُمَّ لِتُصَلِّ) : بِالْوَجْهَيْنِ (رَوَاهُ مَالِكٌ) : وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ، وَالْبَيْهَقِيُّ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ، قَالَ مِيرَكُ: (وَأَبُو دَاوُدَ، وَالدَّارِمِيُّ) لَفْظُهُ، (وَرَوَى النَّسَائِيُّ مَعْنَاهُ) .

<<  <  ج: ص:  >  >>