للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْجَارِيَةُ الْمَأْسُورَةُ إذَا اشْتَرَاهَا مُسْلِمٌ مِنْهُمْ فَوَلَدَتْ فَلِصَاحِبِهِ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ فَسْخٌ لِلْعَقْدِ، وَالْوَلَدُ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَفَسْخُ الْعَقْدِ عَمَّا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ الْعَقْدُ لَا يَجُوزُ.

وَلَيْسَ كَذَلِكَ الْمَأْسُورَةُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَأْخُذُهُ عَلَى وَجْهِ فَسْخِ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا يَأْخُذُهُ عَلَى وَجْهِ الْبِنَاءِ، بِدَلِيلِ مَا بَيَّنَّا فِي السِّيَرِ، وَحَقُّ صَاحِبِهِ كَانَ ثَابِتًا فِي الْأُمِّ فَسَرَى إلَى الْوَلَدِ، كَالْمَبِيعَةِ إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ الْقَبْضِ.

وَإِنْ شِئْت قُلْت لَمَّا انْفَصَلَ الْوَلَدُ فَقَدْ اتَّصَلَتْ بِزِيَادَةٍ، وَاتِّصَالُ الْمَوْهُوبِ بِالزِّيَادَةِ يُوجِبُ انْقِطَاعَ حَقِّ الرُّجُوعِ، كَمَا لَوْ سَمُنَتْ، وَاتِّصَالُ الْمَأْسُورَةِ بِزِيَادَةٍ لَا يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، كَمَا لَوْ سَمُنَتْ.

أَوْ نَقُولُ: حَقُّ الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ ضَعِيفٌ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يُبْطِلَهُ بِأَنْ يَبِيعَهَا مِنْ غَيْرِهِ، وَبِدَلِيلِ أَنَّهَا لَوْ اتَّصَلَتْ بِزِيَادَةٍ يَسْقُطُ حَقُّهُ فِي الرُّجُوعِ، وَحَقُّ الْمَوْلَى فِي الْمَأْسُورَةِ قَوِيٌّ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مِنْ غَيْرِهِ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَلَا يَبْطُلُ بِإِبْطَالِهَا بِزِيَادَةٍ وَالْحَقُّ الضَّعِيفُ جَازَ أَلَّا يَسْرِيَ إلَى الْوَلَدِ وَالْحَقُّ الْقَوِيُّ يَسْرِي.

<<  <  ج: ص:  >  >>