للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَتَقَ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَجَمِيعُ الْكَسْبِ لِلْمُكَاتَبِ، وَإِنْ أَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَصِلَ نِصْفُهُ إلَى الْآخَرِ إلَّا إذَا أَذِنَ لِشَرِيكِهِ بِقَبْضِ الْكِتَابَةِ فَإِنْ أَدَّى كُلَّهُ إلَى الْمَأْمُورِ عَتَقَ، وَإِنْ أَدَّى كُلَّهُ إلَى الْآمِرِ لَا يَعْتِقُ حَتَّى يَصِلَ نِصْفُهُ إلَى الْمَأْمُورِ.

وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ كَاتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ، بِأَنْ كَاتَبَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ كَاتَبَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ عَلَى مِائَةِ دِينَارٍ، صَارَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَاتَبًا لَهُ فَإِذَا أَدَّى إلَيْهِمَا مَعًا عَتَقَ، وَإِنْ أَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ وَلَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيمَا قَبَضَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَاتَبَ صَارَ رَاضِيًا بِكِتَابَتِهِ وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَقْضِيَ غَرِيمًا دُونَ غَرِيمٍ، وَنَصِيبُ الْآخَرِ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ فَإِذَا أَدَّى نَصِيبَ الْآخَرِ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ نَصِيبَ الْآخَرِ وَلَكِنَّهُ عَجَزَ صَارَ كَعَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَالْجَوَابُ فِيهِ مَعْرُوفٌ.

وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ جَمِيعَ الْعَبْدِ صَارَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُكَاتَبًا لَهُ بِالْبَدَلِ الَّذِي سَمَّى، فَمَا لَمْ يُوجَدْ جَمِيعُ الْمُسَمَّى لَا يَعْتِقُ وَالْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا أَنْ لَوْ كَاتَبَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نَصِيبَهُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَكِتَابَةُ الْبَعْضِ وَكِتَابَةُ الْكُلِّ سَوَاءٌ فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا عَتَقَ وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ أَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا أَوَّلًا عَتَقَ كُلُّهُ مِنْ الْمُؤَدَّى إلَيْهِ وَثَبَتَ الْوَلَاءُ مِنْهُ وَيَضْمَنُ إنْ كَانَ مُوسِرًا وَيَسْعَى الْعَبْدُ إنْ كَانَ مُعْسِرًا، إلَّا أَنَّ عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَضْمَنُ أَوْ يَسْعَى الْعَبْدُ فِي نِصْفِ الْقِيمَةِ أَوْ فِي كِتَابَةِ الْآخَرِ فِي الْأَقَلِّ مِنْهُمَا وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: بَطَلَتْ كِتَابَةُ الْآخَرِ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ الْعَبْدُ أَوْ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لَا غَيْرُ.

وَلَوْ كَانَ عَبْدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَكَاتَبَاهُ جَمِيعًا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً، فَأَدَّى إلَى أَحَدِهِمَا حِصَّتَهُ لَمْ يَعْتِقْ حِصَّتَهُ مِنْهُ مَا لَمْ يُؤَدِّ جَمِيعَ الْكِتَابَةِ إلَيْهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا جَعَلَا شَرْطَ عِتْقِهِ أَدَاءَ جَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ فَلَا يَعْتِقُ إلَّا بِوُجُودِ الشَّرْطِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ فَكَاتَبَاهُمَا جَمِيعًا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَكُونُ مُكَاتَبًا عَلَى حِدَةٍ حَتَّى لَوْ أَدَّى حِصَّتَهُ يَعْتِقُ؛ لِأَنَّ هَهُنَا لَوْ جَعَلَ كُلَّ نِصْفٍ مُكَاتَبًا عَلَى حِدَةٍ لَأَدَّى إلَى تَغْيِيرِ شَرْطِهِمَا؛ لِأَنَّ شَرْطَهُمَا أَنْ يَعْتِقَ بِأَدَاءِ الْكُلِّ فَلَا يَعْتِقُ أَحَدُهُمَا إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ حَتَّى لَا يُؤَدِّيَ إلَى تَغْيِيرِ الشَّرْطِ، وَهَذَا الْمَعْنَى لَمْ يُوجَدْ هُنَاكَ؛ لِأَنَّ عِتْقَ أَحَدِهِمَا لَا يُؤَثِّرُ فِي الْآخَرِ فَكَانَ الشَّرْطُ فِيهِ لَغْوًا.

مُكَاتَبٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ لِشَرِيكِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا؛ لِأَنَّ نَصِيبَ الْآخَرِ مُكَاتَبٌ عَلَى حَالِهِ لِكَوْنِ الْعِتْقِ مُتَجَزِّئًا عِنْدَهُ فَإِنْ أَدَّى عَتَقَ، وَالْوَلَاءُ بَيْنَهُمَا لِوُجُودِ الْإِعْتَاقِ مِنْهُمَا، وَإِنْ عَجَزَ صَارَ كَعَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا وَالْحُكْمُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِي كِتَابِ الْعَتَاقِ وَعَلَى قَوْلِهِمَا عَتَقَ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا وَالْوَلَاءُ لَهُ، إلَّا أَنَّ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ صَارَ حُكْمُهُ حُكْمَ عَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ أَعْتَقَهُ أَحَدُهُمَا، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُوسِرًا يُنْظَرْ إلَى قَدْرِ نَصِيبِ شَرِيكِهِ وَإِلَى بَاقِي الْكِتَابَةِ فَأَيُّهُمَا كَانَ أَقَلَّ ضَمِنَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا سَعَى الْعَبْدُ فِي الْأَقَلِّ فَإِنْ لَمْ يُعْتِقْهُ أَحَدُهُمَا وَلَكِنْ دَبَّرَهُ صَارَ نَصِيبُهُ مُدَبَّرًا وَيَكُونُ مُكَاتَبًا عَلَى حَالِهِ؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يُنَافِي الْكِتَابَةَ، فَإِنْ أَدَّى الْكُلَّ عَتَقَ وَالْوَلَاءُ يَثْبُتُ مِنْهُمَا، وَإِنْ عَجَزَ صَارَ كَعَبْدٍ بَيْنَ اثْنَيْنِ دَبَّرَهُ أَحَدُهُمَا صَارَ نَصِيبُهُ مُدَبَّرًا، وَلِشَرِيكِهِ خَمْسُ خِيَارَاتٍ إنْ كَانَ مُوسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا فَأَرْبَعُ خِيَارَاتٍ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي قَوْلِهِمَا صَارَ كُلُّهُ مُدَبَّرًا؛ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَتَجَزَّأُ فَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ وَيَضْمَنُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ الْقِيمَةِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا فِي قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ، وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ مُحَمَّدٍ وَجَبَ أَنْ يَضْمَنَ الْأَقَلَّ مِنْ نِصْفِ الْقِيمَةِ، وَمِنْ جَمِيعِ مَا بَقِيَ مِنْ الْكِتَابَةِ، وَلَوْ لَمْ يُدَبِّرْهُ.

وَلَكِنْ كَاتَبَ جَارِيَةً فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَاهُ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ، وَصَارَ نَصِيبُهُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ أَمَّا ثُبُوتُ النَّسَبِ فَلَا خِلَافَ فِيهِ؛ لِأَنَّ الْمَوْلَى إذَا ادَّعَى وَلَدَ مُكَاتَبَتِهِ ثَبَتَ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ فِيهِ تَأْوِيلَ الْمِلْكِ، ثُمَّ الْمُكَاتَبَةُ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ وَإِنْ شَاءَتْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ لَهَا حَقُّ الْحُرِّيَّةِ مِنْ وَجْهَيْنِ، فَلَهَا أَنْ تَخْتَارَ أَيَّهمَا شَاءَتْ وَلَا تَصِيرُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ عِنْدَنَا يَتَجَزَّأُ فِيمَا لَا يُمْكِنُ نَقْلُ الْمِلْكِ فِيهِ، فَإِنْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ أَخَذَتْ مِنْهُ عُقْرَهَا وَاسْتَعَانَتْ بِهِ عَلَى أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ عَجَّزَتْ نَفْسَهَا وَرُدَّتْ إلَى الرِّقِّ، فَإِنَّهَا تَصِيرُ أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُسْتَوْلِدِ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى الْمَانِعَ مِنْ نَقْلِ الْمِلْكِ فِيهَا قَدْ زَالَ وَيَضْمَنُ لِلشَّرِيكِ نِصْفَ قِيمَتِهَا مُكَاتَبَةً وَنِصْفَ عُقْرِهَا، وَلَا يَغْرَمُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَعَلَى قَوْلِهِمَا: صَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّ الِاسْتِيلَادَ لَا يَتَجَزَّأُ وَبَطَلَتْ الْكِتَابَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>