للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْضِ وَعَلَى قِيمَةِ الزَّرْعِ وَقْتَ الْعَقْدِ لَكِنَّهُ كَيْفَ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا يَوْمَ الْعَقْدِ مَفْصُولًا مَجْذُوذًا أَمْ قَائِمًا؟ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَةُ الزَّرْعِ وَهُوَ بَقْلٌ مَفْصُولٌ وَمَجْذُوذٌ فَيَسْقُطُ عَنْهُ ذَلِكَ الْقَدْرُ.

وَرُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي النَّوَادِرِ أَنَّهُ يُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ قَائِمًا فَتُقَوَّمُ الْأَرْضُ وَفِيهَا الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ وَتُقَوَّمُ وَلَيْسَ فِيهَا الزَّرْعُ وَالثَّمَرُ فَيَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ مَا بَيْنَ ذَلِكَ.

(وَجْهُ) قَوْلِ مُحَمَّدٍ أَنَّ الزَّرْعَ دَخَلَ فِي الْعَقْدِ وَهُوَ مُتَّصِلٌ وَيَثْبُتُ الْحَقُّ فِيهِ وَهُوَ مُنْفَصِلٌ، وَكَذَا الثَّمَرُ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا عَلَى صِفَةِ الِاتِّصَالِ عَلَى أَنَّ فِي اعْتِبَارِ حَالَةِ الِانْفِصَالِ إضْرَارًا بِالشَّفِيعِ إذْ لَيْسَ لِلْمَفْصُولِ وَالثَّمَرِ الْمَجْذُوذِ كَثِيرُ قِيمَةٍ فَيَتَضَرَّرُ بِهِ الشَّفِيعُ.

(وَجْهُ) قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ إنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ إنَّمَا سَقَطَ بَعْدَ زَوَالِ الِاتِّصَالِ فَتُعْتَبَرُ قِيمَتُهَا مُنْفَصِلًا لَا مُتَّصِلًا.

وَكَذَا لَوْ كَانَتْ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً وَلَمْ يَطْلُعْ الزَّرْعُ بَعْدُ ثُمَّ طَلَعَ فَقَصَلَهُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ يُقْسَمُ الثَّمَنُ عَلَى قِيمَةِ الْبَذْرِ وَعَلَى قِيمَةِ الْأَرْضِ فَيَسْقُطُ قَدْرُ قِيمَةِ الْبَذْرِ عَنْ الثَّمَنِ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ تُقَوَّمُ الْأَرْضُ مَبْذُورَةً وَغَيْرَ مَبْذُورَةٍ فَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا بَيْن ذَلِكَ إذَا آجَرَ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ مَعَ الشَّجَرِ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَبَقِيَتْ الثَّمَرَةُ فِي يَدِ الْبَائِعِ هَلْ يَثْبُتُ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي؟ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ أَنَّ الثَّمَرَةَ لَازِمَةٌ لِلْمُشْتَرِي وَلَا خِيَارَ لَهُ.

وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ أَتْلَفَ الثَّمَرَةَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ بِالشُّفْعَةِ فَالْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْضَ بِحِصَّتِهَا مِنْ الثَّمَنِ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَتْلَفَ الثَّمَرَةَ فَقَدْ فَرَّقَ الصَّفْقَةَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ التَّمَامِ مِنْ غَيْرِ رِضَاهُ وَأَنَّهُ يُوجِبُ الْخِيَارَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الشَّفِيعُ أَخَذَ الْأَرْضَ بِالشُّفْعَةِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَاكَ حَصَلَ بِرِضَا الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ حَقَّ الشَّفِيعِ كَانَ ثَابِتًا فِي الْمَأْخُوذِ وَأَنَّهُ حَقٌّ لَازِمٌ فَكَانَ التَّفْرِيقُ هُنَاكَ لِضَرُورَةِ حَقٍّ ثَابِتٍ لَازِمٍ شَرْعًا فَكَانَ الْمُشْتَرِي رَاضِيًا بِهِ، وَالتَّفْرِيقُ الْمَرَضِيُّ بِهِ لَا يُوجِبُ الْخِيَارَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

هَذَا إذَا كَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ مُتَّصِلَةً بِالْعَقَارِ وَدَامَ الِاتِّصَالُ إلَى وَقْتِ التَّمَلُّكِ بِالشُّفْعَةِ أَوْ زَالَ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ.

فَأَمَّا إذَا لَمْ تَكُنْ مَوْجُودَةً عِنْدَ الْعَقْدِ وَوُجِدَتْ بَعْدَهُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَإِنْ كَانَ الْحَادِثُ مِمَّا يَثْبُتُ حُكْمُ الْبَيْعِ فِيهِ تَبَعًا وَهُوَ الثَّمَرُ بِأَنْ وَقَعَ الْبَيْعُ وَلَا ثَمَرَ فِي الشَّجَرِ ثُمَّ أَثْمَرَ بَعْدَهُ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ فَمَا دَامَ مُتَّصِلًا يَأْخُذُهُ الشَّفِيعُ مَعَ الْأَرْضِ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ اسْتِحْسَانًا؛ لِأَنَّهُ ثَبَتَ حُكْمُ الْبَيْعِ فِيهِ تَبَعًا لِثُبُوتِهِ فِي الْأَرْضِ بِوَاسِطَةِ الشَّجَرِ فَكَانَ مَبِيعًا تَبَعًا فَيَثْبُتُ حَقُّ الشُّفْعَةِ تَبَعًا سَوَاءٌ حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي أَوْ فِي يَدِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ مَوْجُودَةٌ فِي الْحَالَيْنِ فَإِنْ زَالَ الِاتِّصَالُ فَحَضَرَ الشَّفِيعُ؛ فَإِنْ كَانَ حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي فَالشَّفِيعُ يَأْخُذُ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ بِالثَّمَنِ الْأَوَّلِ إنْ شَاءَ، وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَسَوَاءٌ كَانَ زَوَالُهُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَهُوَ قَائِمٌ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ هَالِكٌ أَوْ كَانَ زَوَالُهُ بِفِعْلِ أَحَدٍ؛ أَمَّا إذَا كَانَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ؛ لِأَنَّهُ كَانَ تَبَعًا حَالَةَ الِاتِّصَالِ وَلَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ فِعْلٌ يَصِيرُ بِهِ مَقْصُودًا، وَالتَّبَعُ لَا يَصِيرُ لَهُ حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ بِدُونِهِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الزَّوَالُ بِصُنْعِ الْعَبْدِ بِأَنْ جَذَّهُ الْمُشْتَرِي وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ؛ فَلِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ الْعَقْدُ وَلَا الْقَبْضُ.

وَإِنْ كَانَ حَدَثَ فِي يَدِ الْبَائِعِ فَإِنْ كَانَ الزَّوَالُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ وَهُوَ قَائِمٌ أَوْ هَالِكٌ فَكَذَلِكَ أَخَذَ الشَّفِيعُ الْأَرْضَ وَالشَّجَرَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ فِعْلٌ يَصِيرُ بِهِ مَقْصُودًا فَيُقَابِلُهُ الثَّمَنُ، وَإِنْ كَانَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ بِأَنْ اسْتَهْلَكَهُ يَسْقُطُ عَنْ الشَّفِيعِ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ لِصَيْرُورَتِهِ مَقْصُودًا بِالْإِتْلَافِ، وَإِنْ كَانَ الْحَادِثُ مِمَّا لَمْ يَثْبُتْ فِيهِ حُكْمُ الْبَيْعِ رَأْسًا لَا أَصْلًا وَلَا تَبَعًا بِأَنْ بَنَى الْمُشْتَرِي بِنَاءً أَوْ غَرَسَ أَوْ زَرَعَ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ يُقْضَى لَهُ بِشُفْعَةِ الْأَرْضِ وَيُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَتَسْلِيمِ السَّاحَةِ إلَى الشَّفِيعِ إلَّا إذَا كَانَ فِي الْقَلْعِ نُقْصَانُ الْأَرْضِ فَلِلشَّفِيعِ الْخِيَارُ؛ إنْ شَاءَ أَخَذَ الْأَرْضَ بِالثَّمَنِ، وَالْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ بِقِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَإِنْ شَاءَ أُجْبِرَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْقَلْعِ وَهَذَا جَوَابُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَلَكِنَّهُ يَأْخُذُ الْأَرْضَ بِثَمَنِهَا وَالْبِنَاءَ وَالْغَرْسَ بِقِيمَتِهِ قَائِمًا غَيْرَ مَقْلُوعٍ إنْ شَاءَ وَإِنْ شَاءَ تَرَكَ وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَوْ زَرَعَ فِي الْأَرْضِ ثُمَّ حَضَرَ الشَّفِيعُ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ الْمُشْتَرِي عَلَى قَلْعِهِ وَلَكِنَّهُ يَنْتَظِرُ إدْرَاكَ الزَّرْعِ ثُمَّ يُقْضَى لَهُ بِالشُّفْعَةِ فَيَأْخُذُ الْأَرْضَ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ.

(وَجْهُ) رِوَايَةِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ فِي الْجَبْرِ عَلَى النَّقْضِ ضَرَرًا بِالْمُشْتَرِي وَهُوَ إبْطَالُ تَصَرُّفِهِ فِي مِلْكِهِ وَفِيمَا قُلْنَا مُرَاعَاةُ الْجَانِبَيْنِ.

(أَمَّا) جَانِبُ الْمُشْتَرِي فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ صِيَانَةَ حَقِّهِ عَنْ الْإِبْطَالِ.

(وَأَمَّا) جَانِبُ الشَّفِيعِ؛ فَلِأَنَّهُ يَأْخُذُ الْبِنَاءَ بِقِيمَتِهِ، وَأَخْذُ الشَّيْءِ بِقِيمَتِهِ لَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى أَحَدٍ.

(وَجْهُ) ظَاهِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>