للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى الْإِجَازَةِ إبْطَالٌ لِحَقِّهِ وَهَذَا لَا يَجُوزُ فَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ.

(وَمِنْهَا) أَنْ يَمْلِكَهُمَا عَلَى الْكَمَالِ فَإِنْ مَلَكَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شِقْصًا مِنْهُ لَمْ يُكْرَهْ أَنْ يَبِيعَ نَصِيبَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ هَهُنَا لَا يَقَعُ تَفْرِيقًا مُطْلَقًا لِحُصُولِ التَّفْرِيقِ قَبْلَهُ مِنْ وَجْهٍ فَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ النَّهْيِ عَنْ التَّفْرِيقِ عَلَى الْإِطْلَاقِ.

(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَحَلًّا لِلْبَيْعِ عِنْدَ الْبَيْعِ فَإِنْ خَرَجَ أَحَدُهُمَا عَنْ مَحَلِّيَّةِ الْبَيْعِ بِالتَّدْبِيرِ أَوْ الِاسْتِيلَادِ فَلَا بَأْسَ مِنْ بَيْعِ الْآخَرِ وَإِنْ كَانَ فِيهِ تَفْرِيقٌ؛ لِأَنَّهُ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ بَيْعُهُمَا جَمِيعًا فَلَوْ مُنِعَ عَنْ بَيْعِ الْآخَرِ لَتَضَرَّرَ بِهِ الْمَالِكُ، وَكَرَاهَةُ التَّفْرِيقِ شَرْعًا لِدَفْعِ ضَرَرٍ زَائِدٍ فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهُ بِإِلْحَاقِ ضَرَرٍ فَوْقَهُ بِالْمَالِكِ.

(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِأَحَدِهِمَا حَقٌّ، فَإِنْ تَعَلَّقَ بِأَنْ لَحِقَ أَحَدَهُمَا دَيْنٌ بِأَنْ اسْتَهْلَكَ مَالَ إنْسَانٍ أَوْ جَنَى جِنَايَةً عَلَى بَنِي آدَمَ أَوْ اشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا لَمْ يُكْرَهْ التَّفْرِيقُ بَلْ يُبَاعُ بِالدَّيْنِ وَيُدْفَعُ بِالْجِنَايَةِ وَيُرَدُّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ فِي الْمَنْعِ مِنْ التَّفْرِيقِ دَفْعَ ضَرَرٍ زَائِدٍ بِضَرَرٍ أَقْوَى مِنْهُ، وَهُوَ إبْطَالُ الْحَقِّ وَهَذَا لَا يَجُوزُ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ أَنَّهُ إذَا جَنَى أَحَدُهُمَا يُسْتَحَبُّ لِلْمَالِكِ أَنْ يَفْدِيَ لِمَا فِيهِ مِنْ مُرَاعَاةِ الْحَقَّيْنِ وَدَفْعِ الضَّرَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَأَنَّهُ حَسَنٌ عَقْلًا وَشَرْعًا.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ إذَا اشْتَرَاهُمَا رَجُلٌ فَوَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا يَرُدُّهُمَا جَمِيعًا أَوْ يُمْسِكُهُمَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً؛ لِأَنَّ رَدَّهُ خَاصَّةً تَفْرِيقٌ، وَأَنَّهُ إضْرَارٌ فَصَارَ كَمَا إذَا اشْتَرَى مِصْرَاعَيْ بَابٍ أَوْ زَوْجَيْ خُفٍّ أَوْ نَعْلٍ ثُمَّ وَجَدَ بِأَحَدِهِمَا عَيْبًا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّ الْمَعِيبَ خَاصَّةً لِكَوْنِهِ إضْرَارًا بِالْبَائِعِ خَاصَّةً كَذَا هَذَا.

(وَمِنْهَا) أَنْ يَكُونَ مَالِكُهُمَا مُسْلِمًا فَإِنْ كَانَ كَافِرًا لَا يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَالِكُ حُرًّا أَوْ مُكَاتَبًا أَوْ مَأْذُونًا عَلَيْهِ دَيْنٌ أَوْ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا، وَسَوَاءٌ كَانَ الْمَمْلُوكَانِ مُسْلِمَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُسْلِمًا وَالْآخَرُ كَافِرًا؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ الدَّلَائِلِ الْمُوجِبَةِ لِكَرَاهَةِ التَّفْرِيقِ مِنْ النُّصُوصِ وَالْمَعْقُولِ لَا يُوجِبُ الْفَصْلَ وَلَوْ دَخَلَ حَرْبِيٌّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ وَمَعَهُ عَبْدَانِ صَغِيرَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا صَغِيرٌ وَالْآخَرُ كَبِيرٌ وَهُمَا ذَوَا رَحِمٍ مَحْرَمٍ أَوْ اشْتَرَاهُمَا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ مِنْ صَاحِبِهِ الَّذِي دَخَلَ مَعَهُ بِأَمَانٍ فَأَرَادَ أَنْ يَبِيعَ أَحَدَهُمَا فَلَا بَأْسَ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَشْتَرِيَهُ، وَلَوْ اشْتَرَاهُمَا مِنْ مُسْلِمٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ ذِمِّيٍّ أَوْ حَرْبِيٍّ دَخَلَ بِأَمَانٍ مِنْ وِلَايَةٍ أُخْرَى لَا مِنْ وِلَايَتِهِ يُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَشْتَرِيَ أَحَدَهُمَا (وَوَجْهُ) الْفَرْقِ أَنَّ الضَّرُورَةَ دَفَعْت الْكَرَاهَةَ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَشْتَرِ لَأَدْخَلَهُمَا دَارَ الْحَرْبِ فَيَصِيرُ عَوْنًا لَهُمْ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهَذِهِ الضَّرُورَةُ تَنْعَدِمُ فِي هَذَا الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهُ يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِهِمَا وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ إلْحَاقِهِمَا بِدَارِ الْحَرْبِ فَلَمْ تَتَحَقَّقْ الضَّرُورَةُ.

(وَمِنْهَا) أَنْ لَا يَرْضَيَا بِالتَّفْرِيقِ فَإِنْ رَضِيَا لَا يُكْرَهُ بِأَنْ كَانَ الصَّبِيُّ مُرَاهِقًا وَرَضِيَ بِالْبَيْعِ وَرَضِيَتْ أُمُّهُ فَبِيعَ بِرِضَاهُمَا؛ لِأَنَّ كَرَاهَةَ التَّفْرِيقِ لِمَكَانِ الضَّرَرِ فَإِذَا رَضِيَا بِهِ عُلِمَ أَنَّهُ لَا ضَرَرَ فَلَا يُكْرَهُ وَاَللَّهُ ﷾ أَعْلَمُ هَذَا إذَا اجْتَمَعَ مَعَ الصَّغِيرِ فِي مِلْكِ شَخْصٍ وَاحِدٍ قَرِيبٌ وَاحِدٌ هُوَ ذُو رَحِمٍ مُحَرِّمٍ مِنْهُ.

فَأَمَّا إذَا كَانَ مَعَهُ عَدَدٌ مِنْ الْأَقَارِبِ كُلُّ وَاحِدٍ ذُو رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ الصَّغِيرِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ كَانَا أَبَوَيْنِ أَوْ غَيْرَهُمَا مِنْ ذَوِي الْأَرْحَامِ فَإِنْ كَانَا أَبَوَيْنِ يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا بِلَا خِلَافٍ، وَإِنْ كَانَا مِمَّنْ سِوَاهُمَا مِنْ ذَوِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ، فَإِمَّا أَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ مِنْ الصَّغِيرِ وَالْآخَرُ أَبْعَدَ مِنْهُ، وَإِمَّا أَنْ كَانَا فِي الْقُرْبِ مِنْهُ عَلَى السَّوَاءِ فَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا أَقْرَبَ لَا بَأْسَ بِالتَّفْرِيقِ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَبَيْنَ الْأَبْعَدِ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّ شَفَقَةَ الْأَقْرَبِ تُغْنِي عَنْ شَفَقَةِ الْأَبْعَدِ فَلَمْ يَكُنْ التَّفْرِيقُ إضْرَارًا بِالصَّغِيرِ سَوَاءٌ اتَّفَقَتْ قَرَابَةُ الْكَبِيرَيْنِ كَالْأَبِ مَعَ الْجَدِّ وَالْأُمِّ مَعَ الْجَدَّةِ أَوْ الْخَالَةِ أَوْ الْخَالِ أَوْ اخْتَلَفَتْ كَالْأُمِّ مَعَ الْعَمَّةِ أَوْ الْعَمِّ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُكْرَهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا كَيْفَ مَا كَانَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ شَفَقَةٌ عَلَى الصَّغِيرِ وَتَزُولُ بِالتَّفْرِيقِ.

وَإِنْ كَانَ الْكَبِيرَانِ فِي الْقُرْبِ مِنْ الصَّغِيرِ شَرْعًا سَوَاءً يُنْظَرُ إنْ اتَّفَقَتْ جِهَةُ قَرَابَتِهِمَا كَالْعَمَّتَيْنِ وَالْخَالَتَيْنِ وَالْأَخَوَيْنِ لِأَبٍ وَأُمٍّ أَوْ لِأَبٍ، فَالْقِيَاسُ أَنْ يُكْرَهَ التَّفْرِيقُ بَيْنَ الصَّغِيرَيْنِ وَبَيْنَ أَحَدِهِمَا، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُكْرَهُ إذَا بَقِيَ مَعَ الصَّغِيرِ قَرِيبٌ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا شَفَقَةٌ عَلَى حِدَةٍ عَلَى الصَّغِيرِ فَلَا تَقُومُ شَفَقَةُ أَحَدِهِمَا مَقَامَ الْآخَرِ، وَكَذَا قَدْ يَخْتَصُّ أَحَدُهُمَا بِزِيَادَةِ شَفَقَةٍ لَيْسَتْ فِي الْآخَرِ فَكَانَ التَّفْرِيقُ إضْرَارًا بِتَفْوِيتِ شَفَقَتِهِ مِنْ حَيْثُ الْأَصْلِ أَوْ مِنْ حَيْثُ الْقَدْرِ فَيُكْرَهُ.

(وَجْهُ) الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ كَرَاهَةَ التَّفْرِيقِ لِلْإِضْرَارِ بِالصَّغِيرِ بِتَفْوِيتِ النَّظَرِ وَعِنْدَ اتِّحَادِ جِهَةِ الْقَرَابَةِ وَالتَّسَاوِي فِي الْقُرْبِ مِنْ الصَّغِيرِ كَانَ مَعْنَى

<<  <  ج: ص:  >  >>