للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّ نِصْفَ مِثْقَالٍ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا رُبُعُ عُشْرِهِ.

وَأَمَّا صِفَةُ الْوَاجِبِ فَنَذْكُرُهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا إذَا كَانَ لَهُ فِضَّةٌ مُفْرَدَةٌ أَوْ ذَهَبٌ مُفْرَدٌ.

فَأَمَّا إذَا كَانَ لَهُ الصِّنْفَانِ جَمِيعًا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا بِأَنْ كَانَ لَهُ عَشْرَةُ مَثَاقِيلَ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ فَإِنَّهُ يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي حَقِّ تَكْمِيلِ النِّصَابِ عِنْدَنَا.

وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ لَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ بَلْ يُعْتَبَرُ كَمَالُ النِّصَابِ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَلَى حِدَةٍ.

وَجْهُ قَوْلِهِ: أَنَّهُمَا جِنْسَانِ مُخْتَلِفَانِ فَلَا يُضَمُّ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ كَالسَّوَائِمِ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: أَنَّهُمَا عَيْنَانِ مُخْتَلِفَانِ لِاخْتِلَافِهِمَا صُورَةً وَمَعْنًى.

أَمَّا الصُّورَةُ فَظَاهِرٌ.

وَأَمَّا الْمَعْنَى فَلِأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ مُتَفَاضِلًا وَصَارَ كَالْإِبِلِ مَعَ الْغَنَمِ بِخِلَافِ مَالِ التِّجَارَةِ؛ لِأَنَّ هُنَاكَ يَكْمُلُ النِّصَابُ مِنْ قِيمَتَهَا وَالْقِيمَةُ وَاحِدَةٌ وَهِيَ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ فَكَانَ مَالُ الزَّكَاةِ جِنْسًا وَاحِدًا وَهُوَ الذَّهَبُ أَوْ الْفِضَّةُ فَأَمَّا الزَّكَاةُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ فَإِنَّمَا تَجِبُ لِعَيْنِهَا دُونَ الْقِيمَةِ؛ وَلِهَذَا لَا يُكْمَلُ بِهِ الْقِيمَةُ حَالَةَ الِانْفِرَادِ، وَإِنَّمَا يُكْمَلُ بِالْوَزْنِ كَثُرَتْ الْقِيَامَةُ أَوْ قَلَّتْ بِأَنْ كَانَتْ رَدِيئَةً.

(وَلَنَا) مَا رُوِيَ عَنْ بُكَيْر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ أَنَّهُ قَالَ: مَضَتْ السُّنَّةُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ بِضَمِّ الذَّهَبِ إلَى الْفِضَّةِ وَالْفِضَّةِ إلَى الذَّهَبِ فِي إخْرَاجِ الزَّكَاةِ.

وَلِأَنَّهُمَا مَالَانِ مُتَّحِدَانِ فِي الْمَعْنَى الَّذِي تَعَلَّقَ بِهِ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِيهِمَا وَهُوَ الْإِعْدَادُ لِلتِّجَارَةِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ وَالثَّمَنِيَّةِ فَكَانَا فِي حُكْمِ الزَّكَاةِ كَجِنْسٍ وَاحِدٍ.

وَلِهَذَا اتَّفَقَ الْوَاجِبُ فِيهِمَا وَهُوَ رُبُعُ الْعُشْرِ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنَّمَا يَتَّفِقُ الْوَاجِبُ عِنْدَ اتِّحَادِ الْمَالِ.

وَأَمَّا عِنْدَ الِاخْتِلَافِ فَيَخْتَلِفُ الْوَاجِبُ وَإِذَا اتَّحَدَ الْمَالَانِ مَعْنًى فَلَا يُعْتَبَرُ اخْتِلَافُ الصُّورَةِ كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَلِهَذَا يُكْمَلُ نِصَابُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِعُرُوضِ التِّجَارَةِ وَلَا يُعْتَبَرُ اخْتِلَافُ الصُّورَةِ، كَمَا إذَا كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ عِشْرِينَ مِثْقَالًا وَأَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ وَلَهُ عُرُوضٌ لِلتِّجَارَةِ وَنَقْدُ الْبَلَدِ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ سَوَاءٌ فَإِنْ شَاءَ كَمَّلَ بِهِ نِصَابَ الذَّهَبِ وَإِنْ شَاءَ كَمَّلَ بِهِ نِصَابَ الْفِضَّةِ وَصَارَ كَالسُّودِ مَعَ الْبِيضِ بِخِلَافِ السَّوَائِمِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ هُنَاكَ مُتَعَلِّقٌ بِالصُّورَةِ وَالْمَعْنَى وَهُمَا مُخْتَلِفَانِ صُورَةً وَمَعْنًى فَتَعَذَّرَ تَكْمِيلُ نِصَابِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ، ثُمَّ إذَا وَجَبَتْ الزَّكَاةُ عِنْدَ ضَمِّ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيمَا يُؤَدَّى رَوَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ يُؤَدَّى مِنْ مِائَةِ دِرْهَمٍ دِرْهَمَانِ وَنِصْفٌ، وَمِنْ عَشْرَةِ مَثَاقِيلَ ذَهَبٍ رُبْعُ مِثْقَالٍ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ هَذَا أَقْرَبُ إلَى الْمُعَادَلَةِ وَالنَّظَرِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ.

وَرُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رِوَايَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ يَقُومُ أَحَدُهُمَا بِالْآخَرِ ثُمَّ يُؤَدِّي الزَّكَاةَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى مُوَافَقَةِ نُصُوصِ الزَّكَاةِ، ثُمَّ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي كَيْفِيَّةِ الضَّمِّ فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ، وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ: يُضَمُّ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَهُوَ رِوَايَةً عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَيْضًا ذَكَرَهُ فِي نَوَادِرِ هِشَامٍ.

وَإِنَّمَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ فِيمَا إذَا كَانَتْ قِيمَةُ أَحَدِهِمَا لِجَوْدَتِهِ وَصِيَاغَتِهِ أَكْثَرَ مِنْ وَزْنِهِ بِأَنْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ مَثَاقِيلَ قِيمَتُهَا مِائَةُ دِرْهَمٍ فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُقَوِّمُ الدَّنَانِيرَ بِخِلَافِ جِنْسِهَا دَرَاهِمَ وَتُضَمُّ إلَى الدَّرَاهِمِ فَيُكَمَّلُ نِصَابُ الدَّرَاهِمِ مِنْ حَيْثُ الْقِيمَةِ فَتَجِبُ الزَّكَاةُ.

وَعِنْدَهُمَا تُضَمُّ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ فَلَا يَكْمُلُ النِّصَابُ؛ لِأَنَّ لَهُ نِصْفَ نِصَابِ الْفِضَّةِ وَرُبْعَ نِصَابِ الذَّهَبِ فَيَكُونُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ النِّصَابِ فَلَا يَجِبُ شَيْءٌ.

وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشْرَةُ مَثَاقِيلَ ذَهَبٍ قِيمَتُهَا مِائَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِرْهَمًا تُضَمُّ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَتَبْلُغُ مِائَتَيْنِ وَأَرْبَعِينَ دِرْهَمًا فَتَجِبُ فِيهَا سِتَّةُ دَرَاهِمَ، وَعِنْدَهُمَا تُضَمُّ بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ فَيَكُونُ نِصْفَ نِصَابِ الذَّهَبِ وَنِصْفَ نِصَابِ الْفِضَّةِ فَيَكُونُ نِصَابًا تَامًّا فَيَجِبُ فِي نِصْفِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا رُبُعُ عُشْرِهِ أَمَّا إذَا كَانَ وَزْنُهُمَا وَقِيمَتُهُمَا سَوَاءً بِأَنْ كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَعَشْرَةُ مَثَاقِيلَ ذَهَبٍ تُسَاوِي مِائَةً أَوْ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا وَخَمْسَةُ مَثَاقِيلَ ذَهَبٍ أَوْ خَمْسَةُ عَشْرَ مِثْقَالًا وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا فَهَهُنَا لَا تَظْهَرُ ثَمَرَةُ الِاخْتِلَافِ بَلْ يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ بِالْإِجْمَاعِ عَلَى اخْتِلَافِ الْأَصْلَيْنِ عِنْدَهُ بِاعْتِبَارِ التَّقْوِيمِ.

وَعِنْدَهُمَا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَخَمْسَةُ مَثَاقِيلَ ذَهَبٍ قِيمَتُهَا خَمْسُونَ دِرْهَمًا لَا تَجِبُ الزَّكَاةُ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ النِّصَابَ لَمْ يَكْمُلْ بِالضَّمِّ لَا بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ وَلَا بِاعْتِبَارِ الْأَجْزَاءِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ عِنْدَ الِانْفِرَادِ فِي حَقِّ تَكْمِيلِ النِّصَابِ، حَتَّى أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ إبْرِيقُ فِضَّةٍ وَزْنُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَقِيمَتُهُ لِصِنَاعَةٍ مِائَتَانِ لَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ بِاعْتِبَارِ الْقِيمَةِ.

وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ آنِيَةُ ذَهَبٍ وَزْنُهَا عَشْرَةٌ وَقِيمَتُهَا لِصِنَاعَتِهَا مِائَتَا دِرْهَمٍ لَا تَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>