للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كان الوزراء قبله يرتفقون به؛ فقال المقتدر: قد استحييت من الله في مال علي ابن عيسى، فإني أخذته ظلماً، وأحاله به على مال مصر، فاشترى به ضياعاً ووقفها على مكة والمدينة.

ولما استقدم من مكة بعد إخراجه إليها، والوزير إذ ذاك أبو علي محمد ابن عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وقد تبين عجزه، خلع عليه وقدم للوزارة، وأُمر بالقبض على محمد وابنيه عبيد الله وعبد الواحد، وكانوا قد ركبوا إلى دار الخلافة ووعدوا أن يسلم إليهم فسلموا إليه، فأطلق عبد الواحد وقال: إنه مظلوم؛ وعامل محمداً وعبيد الله أحسن معاملة، ورفق بهما، وكانا قد أرادا قتله في طريق مكة، فلم يمكنهما فيه حيلة.

ورفع إليه أن رجلاً من جلساء عبيد الله قال: إن علي بن أبي طالب قتل، فمن علي بن عيسى حتى لا يقتل! فما زاد علي أن قال: أما اتقى الله ولا خافه!! ثم كان يقضي حوائج ذلك الرجل ويثني عليه؛ فلما جلس للناس ورأى تكاثرهم تمثل:

ما الناس إلاّ مع الدنيا وصاحبها ... فكيفما انقلبت يوماً به انقلبوا

يعظّمون أخا الدنيا فإن وثبت ... يوماً عليه بما لا يشتهي وثبوا

<<  <   >  >>