للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المصعبي يوماً، فأحضرني ولم أدر ما السبب، فلما قربت من مجلسه، تلقاني ميمون بن إبراهيم كاتبه على الرسائل، وهو على غاية الهلع والجزع، فقال لي بصوت خفي: إنه إسحق!! ومر غير متلبث ولا متوقف، حتى رجع إلى مجلس إسحق، فراعني ذلك، فلما مثلت بين يديه قال لي: كيف يقال: وهذا المال مال أو هذا المال مالاً؟ قال: فعلمت ما أراد ميمون، فقلت له: الوجه وهذا المال مال، ويجوز: وهذا المال مالاً؛ فأقبل إسحق على ميمون بغلظة وفظاظة ثم قال: الزم الوجه في كتبك ودعنا من يجوز ويجوز! ورمى إلي بكتاب كان في يده، فسألت عن الخبر، فإذا ميمون قد كتب إلى المأمون وهو ببلاد الروم عن إسحق، وذكر مالاً حمله إليه، فكتب: وهذا المال مالاً فخط المأمون على الموضع من الكتاب، ووقع بخطه في حاشيته: تكاتبني بلحن! فقامت القيامة على إسحق، فكان ميمون بعد ذلك يقول: لا أدري كيف أشكر ابن قادم، بقى علي روحي ونعمتي. قال أبو العباس ثعلب: فكان هذا مقدار العلم، وعلى حسب ذلك كانت الرغبة فيه، والحذر من الزلل، قال: وهذا المال مالاً ليس بشيء، ولكن أحسن ابن قادم في التأتي لخلاص ميمون.

ويشبه هذا الخبر ما حكى الجاحظ، أن الحصين بن أبي الحر كتب إلى عمر

<<  <   >  >>