للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كذا أو أتصدَّق بكذا شكرًا لله - تعالى - ويليه المعلق على فعل طاعة؛ كإن شفى الله مريضِي صمتُ كذا أو صليت كذا، وما عداهما من أنواعه كنذر اللجاج؛ كمَن يستثقل عبده فينذر أن يعتقه ليتخلَّص من صحبته فلا يقصد القربة في ذلك أو يحمل على نفسه فينذر صلاة كثيرة أو صومًا مما يشقُّ عليه فعله، فإن ذكره يكره، وقد يبلغ بعضه التحريم، اهـ.

وفي الحديث لزوم النذر في القربة من كلِّ أحد حتى قبل أن يسلم، قال الحافظ: أصل الجاهلية ما قبل البعثة، والمراد بقول عمر: "في الجاهلية" ما قبل إسلامه؛ لأن جاهلية كلِّ أحد بحسبه، والله أعلم.

* * *

الحديث الثاني

عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى عن النذر وقال: ((إنه لا يأتي بخير، وإنما يُستَخرج به من البخيل)) .

قوله: "نهى عن النذر"، في رواية للبخاري: "أو لم ينهوا عن النذر؟ إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إن النذر لا يُقدِّم شيئًا ولا يؤخِّره، وإنما يُستَخرج به من البخيل)) ، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم: ((فإن النذر لا يغني من القدر شيئًا)) .

قال الخطابي: هذا بابٌ من العلم غريب، وهو النهي عن فعل شيء حتى إذا فعل كان واجبًا.

قوله: ((وإنما يستخرج به من البخيل)) في حديث أبي هريرة: ((فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرج)) ، قال البيضاوي: عادة الناس تعليق النذر على تحصيل منفعة أو دفع مضرَّة، فنهى عنه لأنه فعل البخلاء؛ إذ السخي إذا أراد أن يتقرَّب بادَرَ إليه، والبخيل لا تُطاوِعه نفسه بإخراج شيء من يده إلا في مقابلة عِوَض يستوفيه أولاً فيلتزمه في مقابلة ما يحصل له، وذلك

<<  <   >  >>