للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(العشي) ما بين زوال الشمس إلى غروبها؛ قال الله - تعالى -: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا} [طه: ١٣٠] .

قوله: "إحدى صلاتي العشاء"؛ يعني: إمَّا الظهر وإمَّا العصر، وفي رواية لمسلم: "صلاة العصر"، والحديث دليل على مشروعية سجود السهو، وعلى أن كلام الناس لا يبطل الصلاة، وأن السلام سهوًا والخروج من الصلاة على ظن التمام لا يبطلها، وإذا تكلم عامدًا لمصلحة الصلاة لم تبطل، كما فعل ذو اليدين ولم يأمره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالإعادة، وفيه جواز البناء على الصلاة بعد السلام سهوًا، وفيه دليلٌ على أن سجود السهو يتداخَل ولا يتعدَّد بتعدُّد أسبابه؛ فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - تكلَّم ومشى، وفيه دليلٌ على أنه إذا سها الإمام فسجد سجد معه المأمومون وإن لم يسهوا، وفيه التكبير في سجود السهو والسلام بعده.

وفي الحديث جواز السهو على النبي في الأفعال، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكِّروني)) ، ولكنه لا يقرُّ عليه بل يقع له بيان ذلك، وفائدته بيان الحكم الشرعي إذا وقع مثل ذلك لغيره، وفيه أن الاعتقاد عند فَقْدِ اليقين يقوم مقام اليقين لقوله: ((لم أنسَ)) ؛ أي: في اعتقادي لا في نفس الأمر، وفيه جواز تشبيك الأصابع في المسجد وغيره، وأمَّا الحديث الذي أخرجه أبو داود عن كعب بن عجرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ((إذا توضَّأ أحدكم ثم خرج عامدًا إلى الصلاة فلا يشبِّكن بين يديه فإنه في صلاة)) ، فمن العلماء مَن ضعَّفه، ومنهم مَن جمع بين الأحاديث بأن النهي مقيَّد بما إذا كان في الصلاة أو قاصدًا لها، والله أعلم.

* * *

الحديث الثاني

عن عبد الله بن بحينة - وكان من أصحاب النبي، - صلى الله عليه وسلم - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - صلى الظهر فقام في الركعتين الأوليَين ولم يجلس، فقام الناس معه حتى إذا قضى الصلاة

<<  <   >  >>