للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإستجابة الدعاء مظنة الصلاح وطيب المطعم.

قال ابن حجر في "الهدي": روى غنجار في "تاريخ بخارى" واللالكائي في "شرح السنة" في باب -كرامات الأولياء- منه: أن محمد بن إسماعيل ذهبت عيناه في صغره، فرأت والدته الخليل إِبراهيم في المنام فقال لها: يا هذه قد رد الله على إِبنك بصره بكثرة دعائك. قال: فأصبح، وقد رد الله عليه بصره (١).

من بديع لطف الله تعالى بعباده، أن صلاح الفرد لا تقتصر بركته على هذا الصالح فقط، بل ينسحب ذلك ليشمل الأولاد والأحفاد، وإلى ذلك أشار القرآن (٢). فطيب الأصل مظنة طيب الفرع.

[٢ - اليتم.]

وغالب العظماء هم من اليتامى، وهذا أيضا من اللطف الخفي، فمن حرم حنان الوالد، قد لا يحرم من الذكر الصالح. واليتم يصنع الرجال، ويعلمهم الصبر والجلد والإِعتماد على النفس. وقد ظهرت أمارات ذلك عند البخاري في وقت مبكر نسبيا. حيث ورد أنه ذهب إِلى مكة حاجا أمه وأخيه، وترجع أمه وأخوه ويتركانه وحيدا هناك وهو لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، مجاورا وطالبا (٣).

[٣ - البيئة والنشأة الصالحتان.]

فبخارى كانت تعج بأهل العلم من حملة الفقه والحديث. ولم يتعب البخاري في البحث عن الشيوخ الصالحين، الذين رعوه وعرفوا قدره، وقدموه بالرغم من يتمه. وأما النشأة، فتلك الأم الصالحة آثرت ما يبقى على ما يفنى، فلم تدفع بابنها للمتاجرة بمال أبيه خوف الفقر ونفاد التركة، بل دفعت بابنها


(١) هدى الساري ص (٤٧٨). وانظر "طبقات الحنابلة: (١/ ٣٧٤) و" تهذيب الكمال" ص (١١٧٠). و "سير النبلاء" (١٢/ ٣٩٣).
(٢) في قوله تعالى: {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}.
(٣) هدي الساري ص (٤٧٧ - ٤٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>