للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إبراهيم، فقلت له: إِن أبا الزبير لم يرو عن إِبراهيم. فإِنتهرنى، فقلت له: إِرجع إِلي الأصل. فدخل فنظر فيه، ثم خرج، فقال لى: كيف هو يا غلام؟ قلت: هو الزبير بن عدى، عن إِبراهيم، فأخذ القلم منى، وأحكم كتابه، وقال: صدقت. فقيل للبخارى: ابن كم كنت حين رددت عليه؟ قال: ابن إِحدي عشرة سنة. (١)

إِن ذكاء البخاري اختصر له الزمن، فإِستطاع أن يجمع في ذاكرته ما عجز عنه شيوخه وأقرانه. وكذلك سهل له إِستنباط ما حير به عقول اللاحقين.

قال حاشد بن إِسماعيل: كان البخارى يختلف معنا إِلي مشايخ البصرة وهو غلام، فلا يكتب حتى أتى على ذلك أيام، فلمناه بعد ستة عشر يوما فقال: قد أكثرتم علي فأعرضوا على ما كتبتم. فأخرجناه فزاد على خمسة عشر ألف حديث، فقرأها كلها عن ظهر قلب حتى جعلنا نحكم كتبنا من حفظه. وقال أبو بكر بن أبى عياش الأعين: كتبنا عن محمد بن إِسماعيل وهو أمرد على باب محمد بن يوسف الفريانى. (٢)

قال ابن حجر: كان موت الفرياني سنة اثنتي عشرة ومائتين وكان سن البخاري إِذ ذاك نحوا من ثمانية عشر عاما أو دونها. (٣)

والأخبار في قوة حفظ البخارى وسيلان ذهنه كثيرة جدا، إِنما أردت أن أشير إِلي أن الذكاء الخارق كان من المقومات الكبرى لهذه الشخصية الفذة.

[٦ - كفاية المؤونة.]

وهذا من الروافد المهمة التي ساعدت البخارى فى المضي في طريقه، والإِسراع إِلي الغاية دون إِلتفات إِلي أسباب المعيشة والإِنشغال بها. إِذ


(١) تاريخ بغداد (٢/ ٧)، تهذيب الكمال (١١٦٩)، طبقات الشافعية للسبكي (٢/ ٢١٦)، هدي السارى (٤٧٨).
(٢) هدي الساري (٤٧٨).
(٣) المرجع السابق.

<<  <  ج: ص:  >  >>