للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[تمهيد]

لقد مر "تاريخ رواة الحديث" بمراحل عدة، وتعاهده علماؤه وليدًا ثم فطيما، ثم صبيا، حتى بلغ أشده واستوى. وهذا شأن العلوم الحية، يضيف اللاحق ما أغفله السابق، ويُعَدِّل فيه ما يحتاج إلى تقويم، حتي يكتمل ويستقر، وترسى قواعده وضوابطه.

وظهر نجم البخاري، وقد سير بهذا العلم خطوات ثابتة، وواسعة لكنها ليست مدونة التدوين الذي ينبغي.

إن من أدركهم البخاري وانتفع بهم من الأئمة كانت لهم "مدونات" في هذا الفن، لكنها في غالبها عبارة عن أسئلة يوجهها الطالب لذلك الإِمام، ويقوم الطالب بتدوين الأسئلة وأجوبتها، ويحتفظ التلميذ بهذه "المدونة" أو "المدونات"، وتروى عنه، وتنقل، وهي ليست مرتبة ولا مفهرسة، بل هكذا نُثِرَ فيها العلم نَثْرًا، ولذلك كانت لها عدة مسميات (١).

والبخاري أول من! صنف كتابًا في الرجال علي حروف المعجم، وهو بهذا قرب البعيد، وجمع الأطراف المتناثرة التي تستغرق من وقت طالب العلم الشيء الكثير.

والشيء الآخر الذي يسجل لهذا الكتاب، أنه لم يعتمد على ما دون قبله كل الإِعتماد. فلم يكن البخاري "جامعا" لمادة هذا الكتاب مما كتب سابقوه، نعم كانت له موارد اعتمد عليها، وعلي الخصوص "مدونات" شيوخه في "التاريخ" و"الرجال". (٢)


(١) انظر مبحث "نشأة النقد وتطوره ومراحل تدوينه" و"كيف كانت تدون تلك الروايات" في كتاب " يحيى بن معين وكتابه التاريخ" لشيخنا الدكتور / أحمد نور سيف (١/ ١٦٩).
(٢) انظر فصل موارد البخاري " في الأحاديث المرفوعة المسندة في "التاريخ الكبير"

<<  <  ج: ص:  >  >>