للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فأحصيت عليه أنه قام وأسرج يستذكر أشياء يعلقها فى ليلة ثماني عشرة مرة (١).

وهاتان كما تري صورتان، صورة فى السفر، وأخري فى الحضر، ما كان البخارى فيها يتلذذ بدفئ الفراش كما يتلذذ بتسجيل الفكرة الواردة علي خاطره، يسجلها قبل أن تضيع منه.

أى همة هذه؟ وأي إِخلاص هذا الذي يملك علي الإِنسان فكره وراحته؟

ولا يظنن القارئ أن فكر البخارى حين التأمل يرجع بما لا طائل منه، فساعة من هذا التفكير تتوارد فيه إِليه الخواطر النافعة بل المذهلة حقا.

قال رحمه الله: تذكرت يوما أصحاب أنس، فحضرني فى ساعة ثلاثمائة نفس (٢).

قال وراقه: سمعته يقول: ما نمت البارحة حتي عددت كم أدخلت في تصانيفى من الحديث، فإِذا نحو مائتى ألف حديث (٣).

أما عن أسفاره ورحلاته فى طلب الحديث فهذا شئ يطول، لكن لابد من الوقوف علي أمر هام فى هذه الرحلات، وهو طول الإِقامة فى المركز العلمي الذى يصل إِليه، وعلي الخصوص إِذا كان فيه من الشيوخ ما يستوجب هذه الإِقامة. قال رحمه الله: أقمت بالبصرة خمس سنين (٤).

وقال: دخلت إِلي الشام ومصر والجزيرة مرتين، وإلي البصرة أربع مرات، وأقمت بالحجاز ستة أعوام، ولا أحصي كم دخلت إِلي الكوفة وبغداد مع المحدثين.


(١) المرجع السابق.
(٢) هدى الساري (٤٨٨).
(٣) المرجع السابق (٤٨٧).
(٤) هدى الساري (٤٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>