للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الحديث، بل لأمور أخرى كثيرة، منها: "هذه العلل الدقيقة"، ولهذا يمكننا أن نقول: إن كتاب "التاريخ" مصدر مهم جدا، من مصادر "علم العلل"، لا يستغني عنه حفاظ الحديث. قال أبو العباس ابن سعيد: لو أن رجلا كتب ثلاثين ألف حديث لما استغنى عن كتاب "التاريخ" تصنيف محمد بن إِسماعيل (١). وأقول: بل والله لو كتب أكثر من ذلك لما استغني عن هذا الكتاب، وإن سُئلت الدليل لقلت: هذا الترمذي، الإِمام، الذي يشهَدُ له شيخُهُ البخاري فيقول له: إِنتفعتُ بك أكثر مما انتفعتَ بي (٢). بل قال الحاكم أبو عبد الله: "مات البخاري فلم يخلف بخراسان مثل أبي عيسى في العلم والحفظ والورع والزهد" (٣) يقول الترمذي عن "جامعه"- أعني جامع الترمذي:

"وما كان فيه من ذكر العلل في الأحاديث والرجال، والتاريخ، فهو ما استخرجته من كتاب التاريخ " وأكثر ذلك ما ناظرت به محمد بن إِسماعيل" (٤). فاذا كان مثل الترمذي، لا يستغنى عنه، فما بالك بمن دونه؟

ثالثًا: كونه عمدة ما صُنف بعده في الرجال:

هذه حقيقة لا يجادل فيها إِلا مكابر، وأقرب الناس عهدًا بالبخاري ممن صنفوا هو ابن أبي حاتم الرازي، والناظر في كتابه يرى كم اعتمد ابن أبي حاتم عليه، فعلى منهجه صنف، وعلى خطاه سار، نعم هناك فروق لا تخفى على المتأمل يقتضيها المنهج العلمي لأن للمتقدم من الفضل ما يغطي به عيوب التصنيف، ان كانت هناك ثمة عيوب، والبخاري نثر "العلل" في "تاريخه" بينما جردها ابن أبي حاتم، في مصنف مستقل.

- والبخاري حكم علي أحاديث بالإِرسال، فنثر "المراسيل" في "تاريخه".


(١) تاريخ بغداد (٢/ ٨).
(٢) تهذيب التهذيب (٩/ ٣٨٩).
(٣) سير أعلام النبلاء (١٣/ ٢٧٣).
(٤) شرح علل الترمذي (١/ ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>