للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ومنها: أن يحذف إِلا الصحابي، أو إلا الصحابي والتابعي معًا. ومنها: أن يحذف من حدثه، ويضيفه إِلى مَنْ فوقه، فإن كان من فوقه شيخًا لذلك المصنف، فقد اُختلف هل يسمى تعليقًا أو لا؟ والصحيح في هذا التفصيل، فإن عرف بالنص، أو الاستقراء أن فاعل ذلك مدلس قضي به، وإلا فتعليق. (١). وقد نقل العراقي عن ابن منده أنه قال في جزء له في اختلاف الآئمة في القراءة والسماع أن البخاري أخرج في كتبه الصحيحة وغيرها (قال فلان) وهو تدليس، وكذلك أخرجه مسلم على هذا. قال العراقي: وهو مردود عليه، ولم يوافقه عليه أحد فيما علمته، والدليل على بطلان كلامه أنه ضم مع البخاري مسلمًا في ذلك (٢). وقال ابن حجر: فإِن قلت: هذا يقتضي أن يكون البخاري مدلسا، ولم يصفه أحدٌ بذلك إلا أبو عبد الله ابن منده، وذلك مردود عليه.

قلت: لا يلزم من هذا الفعل الإِصطلاحي له أن يوصف بالتدليس، لأنا قد قدمنا الأسباب الحاملة للبخاري على عدم التصريح بالتحديث في الأحاديث التي علَّقها، حتى لا يسوقها مساق أصل الكتاب، فسواء عنده علقها عن شيخه، أو شيخ شيخه، وسواء عنده سمعها من هذا الذي علقه عنه، أو سمعها بواسطة، ثم إِنّ (عن) في عرف المتقدمين محمولةٌ على السماع قبل ظهور المدلسين، وكذا لفظة (قال) لا تُحمل على السماع إلا إذا عرف من عادة المحدث أنه لا يطلقها إلا فيما سمع (٣). وقال أيضا: لا يلزم من كونه- يعني البخاري- يفرق في مسموعاته بين صيغ الأداء من أجل مقاصد تصنيفه أن يكون مدلسا، ومن هذا الذي صرح أن استعمال (قال) إذا عبر بها المحدث


(١) شرح النخبة (٦٥).
(٢) التقييد (٢٢).
(٣) التغليق (٢/ ٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>