للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقيته، فقلت: أنت الذي تقول: أنا أحفظ سبعين ألف حديث؟ قال: "نعم، وأكثر منه، ولا أجيئك بحديث عن الصحابة أو التابعين إِلا وعرفت مولد أكثرهم ووفاتهم ومساكنهم". (١)

وقال: وراقه: سمعته يقول: لم تكن كتابتي الحديث كما يكتب هؤلاء، كنت إذا كتبت عن رجل، سألته عن اسمه، وكنيته، ونسبه، وعلّة الحديث ان كان فهما- فان لم يكن سألته أن يُخرج لي أصله، ونسخته، وأما الآخرون فلا يبالون ما يكتبون، ولا كيف يكتبون (٢).

وقال بكر بن منير: سمعت البخاري يقول: كنت عند أبي حفص: أحمد ابن حفص أسمع كتاب "الجامع" لسفيان الثوري -من كتاب والدي- فمرّ أبو حفص على حرف ولم يكن عندي ما ذكر- فراجعته الثانية، فقال الثانية كذلك، فراجعته فسكت. ثم قال: مَنْ هذا؟ قالوا: ابن إِسماعيل. فقال أبو حفص: هو كما قال، واحفظوا أنّ هذا يصير يوما رجلا. أهـ. (٣)

قال عباس الدوري: ما رأيت أحسن طلبا للحديث من محمد بن إِسماعيل، كان لا يدع أصلًا ولا فرعًا إِلا قلعه. (٤)

وقال الدارمي: لم يكن يُشْبه طلب محمد للحديث طلبنا، كان إذا نظر في حديث رجل أنزفه. (٥)

قلت: وقد مرّ بنا كيف ردّ على أحد شيوخه يصحح له اسمًا في الإِسناد، وهو لم يبلغ الحادية عشرة من العمر.

فهذه الطريقة البارعة في الطلب، وهي طريقة التفكّر والتأمل والملاحظة،


(١) تأريخ بغداد: ٢/ ٢٤ - ٢٥. تهذيب الكمال: ص (١١٧٠).
(٢) تغليق التعليق: ٥/ ٣٨٩.
(٣) تاريخ بغداد: ٢/ ١١.
(٤) تغليق التعليق: ٥/ ٣٨٩. وانظر: سير النبلاء: ١٢/ ٤٠٦.
(٥) سير النبلاء: ١٢/ ٤٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>