للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقال محمد بن أبي حاتم الورّاق: سمعته -يعني البخاري- يقول: لا يكون لي خصم في الآخرة. (١)

وقال: سمعته يقول: ما اغتبت أحدًا قط منذ علمت أن الغيبة تضرّ أهلها. وقال محمد بن أبي حاتم: ركبنا يوما إِلى الرّمي، ونحن بفرَبر، فخرجنا إِلى الدرب الذي يؤدي إلى الفرضة (٢). فجعلنا نرمي، وأصاب سهم أبي عبد الله وتد القنطرة الذي على نهر ورّادة، فإِنشقّ الوتد. فلما رآه أبو عبد الله، نزل عن دابته، فأخرج السهم من الوتد، وترك الرمي. وقال لنا: أرجعوا. ورجعنا معه إِلى المنزل، فقال لي: يا أبا جعفر، لي إليك حاجة تقضيها؟ قلت: أمرك طاعة. قال: حاجة مهمة، وهو يتنفّس الصعداء. فقال لمن معنا: أذهبوا مع أبي جعفر حتى تعينوه على ما سألته، فقلت: أيّة حاجة هي؟ قال لي: تضمن قضاءها؟ قلت: نعم، علي الرأس والعين، قال: ينبغي أن تصير إِلى صاحب القنطرة، فتقول له: أنا قد أخللنا بالوتد، فنحب أن تأذن لنا في إقامة بدله، أو تأخذ ثمنه، وتجعلنا في حلّ مما كان منا، وكان صاحب القنطرة حميد بن الأخضر الفربري. فقال لي: أبلغ أبا عبد الله السلام، وقل له: أنت في حل مما كان منك. وقال: جميع ملكي لك الفداء. وإن قلت: نفسي، أكون قد كذبت، غير أني لم أكن أحب أن تحتشمني في وتد أو في ملكي. فأبلغته رسالته، فتهلل وجهه، واستنار، وأظهر سرورًا، وقرأ في ذلك اليوم علي الغرباء نحوا من خمس مائة حديث، وتصدق بثلاث مئة درهم. (٣)

قال: وسمعته يقول لأبي معشر الضرير: اجعلني في حلّ يا أبا معشر، فقال: مِن أَيّ شيء؟ قال: رويت يوما حديثا، فنظرت إليك، وقد أعجبت به، وأنت تحرّك رأسك ويدك، فتبسمت من ذلك. قال: أَنت في حل،


(١) سير النبلاء (١٢/ ٤٤١).
(٢) الفرضة: مشرب الماء أو المشرعة، النهاية (٣/ ٤٣٣).
(٣) سير النبلاء (١٢/ ٤٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>